يستحق أي شخص ناجح أن يُكرم من قبل جهة عمله، خصوصاً إذا قدّم جهوداً كبيرة لاقت إستحسان مديره، أو المُشرفين عليه، حيث تُعد الهدية عاملاً مساعداً للتحفيز، بل وعلى زيادة الإنتاجية، ليكون المستفيد الأول والأخير هو بيئة العمل. وعلى الرغم من اتباع عديد من الجهات الحكومية والخاصة طريقة واحدة في تكريم موظفيها، من خلال تقديم "درع تذكاري"، أو "شهادة تقدير"، إلاّ أن ذلك قد يجلب الملل داخل نفوس المُكرمين، خاصة من يتكرر الاحتفال بهم في كل عام، وهو ما يُحتم تغيير تلك الطريقة، واستبدال هدايا عينية بها، كأن يُقدم للموظف "كوبونات" مطعم، أو سوق، أو إشتراك في أحد الأندية الرياضية، أو إهدائه "أعمال تراثية"، كل ذلك من شأنه تحفيز الفرد على مواصلة الإبداع أكثر وأكثر. ولا مانع من كتابة اسم الشخص الناجح في بعض الأماكن داخل الدائرة أو المؤسسة أو الشركة كنوع من التقدير، فهو أفضل من تقديم درع أو شهادة، قد توضع في مكان أو زاوية داخل المنزل، ثم نسيانها وعدم العودة إليها مرةً أخرى. من نماذج التغيير: الدعم المادي، كوبونات شراء، رحلات سفر، تمثيل خارجي، ترشيحهم لجوائز عالمية نقدية أفضل وقال "عائض الشهراني" - مستشار اجتماعي وتربوي: إن التكريم رسالة رقيقة تحمل بين طياتها كثيراً من معاني المودة والأُلفة، حيث تساعد على تعميق الروابط، وهي مفتاح من مفاتيح النجاح، ولها أثر بالغ في النفوس، بل وسبب جوهري في زيادة الأداء، مضيفاً أن التكريم يكون أبلغ في التأثير حينما يصبح بشكل دائم، حيث يراه الشخص ويتذكر من قدمه، مبيناً أن البعض يفضل تقديم الهدايا النقدية على الهدايا العينية، وهذا يكون بحسب المناسبة وحسب الحالة الاجتماعية للأفراد، ففي بعض الأحيان تكون النقود أكثر فائدة لصاحبها، وفي البعض الآخر تكون الهدية العينية أنسب، وهذا يعود للإعراف الاجتماعية والعادات السائدة المتعارف عليها. تقديم هدايا عينية للأشخاص الناجحين يؤثر فيهم إيجاباً ظاهرة عالمية وأوضح "الشهراني" أنه في وقتنا الحالي إذا أردنا تقديم شكر لأحد، فإنه عادة ما يترجم ذلك إلى "درع تذكاري"، محفوف بالزوايا اللامعة، ومزيّن بأعذب الكلمات الحانية، كالثناء والمحبة والصفاء، ذاكراً أنه أصبحت الدروع تحمل مكانة في نفس الشخص المهدى له، مضيفاً أنه قبل أن تكون الدروع ظاهرة عربية فهي ظاهرة عالمية، حيث يتم تقديمها في المناسبات العامة والخاصة على حد سواء، كمناسبات الاحتفاء والتكريم وحفلات النجاح والتدشين، مبيناً أنه ليس المهم أن تكون الهدية غالية الثمن لكي تكون جذابة ومؤثرة، لافتاً إلى أنه من الممكن أن تكون بسيطة، لتُعطي صورة عن مدى تقديرنا لمن سنقدمها له. د. خالد الحليبي تجديد وتنوع ورأى "منصور آل نميس" - مدير إحدى شركات العلاقات العامة والاستشارات - أن تقديم الدروع لغة تكريمية وحافزا ايجابيا للأعمال، مطالباً بالتجديد والتنوع، حيث إنه بالإمكان عمل أشياء أخرى غيرها، مؤكداً أن المكاتب وواجهات القصور يوجد بها مساحات مخصصة للدروع التذكارية، كأحد لوحات الذكرى الخاصة بالشخص، مقترحاً استثمار المساحات في الحدائق أو الشوارع أو المجسمات أو اللوحات الموجودة في المناطق العامة في خدمة المكرمين، ذاكراً أنها مشاركة في إعطاء قيمة معنوية عالية لمن قدم عمل مميز للوطن، أو للمشروعات الحيوية، أو قدّم شيئاً مختلف يستحق أن يوضع له بصمة في مكان عام. د. محمد السليمان محل تقدير وقالت "أ. د. فاتن سعيد بامفلح" - أستاذ علم المعلومات في جامعة الملك عبدالعزيز: إن للتقدير دور كبير في التحفيز على العمل والإنجاز، وهناك أوجه عديدة له، منها الأدبي ومنها المادي، مضيفةً أن لكلاهما عظيم الأثر في رفع معنويات الفرد وزيادة إنتاجيته، وقد يسعد الموظف بإعلان رؤسائه عن إنجازاته وتعريف نظرائه في العمل بأن جهده محل تقدير، الأمر الذي يدفعه إلى بذل المزيد، مشيرةً إلى أن للتقدير الأدبي قيمته، حيث يتميز بالهدايا الرمزية كالدروع أو شهادات التقدير، وهو ما يدوم ويبقى، بخلاف نظيره المادي، مشيرةً إلى أن التقدير أو الدرع تظل تشهد عبر الزمن أن هذا الشخص كان محل تقدير في المكان الذي مرّ به أو في العمل الذي أنجزه. منصور آل نميس استحقاق فعلي وأضافت "أ. د. فاتن بامفلح" أنها حصلت خلال دراستها في مرحلة "البكالوريوس" على مكافأة الإمتياز أكثر من مرة - وهي مكافأة تمنح للطلبة الحاصلين على معدل ممتاز لفصلين دراسيين متتاليي- مضيفةً أن المكافأة المالية يتم إنفاقها في حين أن الشهادة باقية كرمز للتفوق والتقدير، مشددةً على أنه من المفترض ألاّ يمنح التقدير إلاّ لمن يستحقه فعلاً، وإلا ّ فقد قيمته وأهميته، وأصبح أمراً روتينياً يتساوى فيه المبدع وغيره. وأكد "د. محمد السليمان" - مستشار التدريب والتطوير - أن الدروع لم تعد مجدية هدايا تكريمية؛ لعشوائية تقديمها، بل إنه أحياناً تكون متعبة لمقتنيها، لكثرة مشاركته، فيصعب التعامل معها، مشيراً إلى أنه أحياناً تكون مقبولة إذا كان الدرع يعبر عن مناسبة وطنية، أو حدث جديد، مشيراً إلى أن أغلبها أصبحت مملة. عائض الشهراني هدايا تراثية وذكر "د. السليمان" أن الدروع في التكريم أصبحت وسيلة تقليدية، وفي بعض الدول انقرضت وأصبحوا يستخدمون أمورا أخرى تعود على المكرم بالفائدة، مضيفاً أنها في أوقات قد تكون جيدة اذا كان المكرمون يبحثون عن هذه النوعية من التكريم، أو قد يكرمون للمرة الأولى، مشدداً على أن التنوع مطلوب، مثل أن يُعطي الشخص "كوبون" لمطعم عائلي بقيمة مالية، أو "كوبون" لشراء ملابس أو هدايا منزلية. ووصف "د. خالد الحليبي" - مستشار أسري - الدرع التذكارية أنها وسيلة للتعبير عن التقدير للشخص الذي تمنح له، ومثلها الأوشحة، والهدايا، ونحوها، لذلك إذا لم يكن إلاّ هي، فهي بالطبع مجدية في التعبير الرمزي، وتبقى لمدة طويلة بطبيعتها الصلبة، وقوة جماليتها التي تفرض وجودها في أماكن مخصصة وممتازة، مؤكداً أن الدروع أصبحت وسيلة تقليدية، ويمكن تغييرها إلى وسائل أخرى كثيرة، مثل الهدايا التراثية؛ وربما لو كلف بها بعض الأسر المنتجة، لأصبحت مصدراً ممتازاً لمواردهم من جانب، وهي أفضل بالطبع من الدروع الصينية والكورية، التي لا تحمل معها أي ملمح من ملامح الخصوصية في بلادنا. كثرة تجلب الملل وأوضح "د. الحليبي" إن من الأشياء التي من الممكن استبدال الدروع عنها "المكتبة الصغيرة"، حيث توضع مجموعة من الكتب في صندوق خشبي أنيق، ويكتب على ظهرها اسم المهدى إليه، وخاصة إذا كانت من إنتاج المدينة التي توزع فيها؛ دعماً للمؤلفين المحليين، وفرصة لإيصال أصواتهم، وأفكارهم للآخرين، إلى جانب إبراز هوية البلد، ولعل الأفكار كثيرة لو أننا حاولنا التغيير، مضيفاً أن طبيعة الإنسان يحب الشكر والتقدير، ولا أنسى أن أحد الصحفيين أصيب بصدمة حين كُرِّم زملاؤه في حفل ولم يكرم هو، مؤكداً أنه إذا كثرت الدروع على المكرم تصبح غير مرغوبة منه، خاصةً الذين يشاركون كثيراً، ويكرمون كثيراً، مقترحاً أن يجعل مع كل هدية أو درع شهادة، فهي الأبقى والأفضل، لو أراد أن يصورها لأي أمر.