بحق، كان الاربعاء «4 ربيع الأول 1426ه» يوما مشهوداً ونقطة تحول في أجندة العمل الهندسي في المملكة، حيث بذلت الهيئة السعودية ما بوسعها لاشراك أكبر عدد ممكن من المهندسين «الأعضاء» في تظاهرة تعد الأولى من نوعها لمناقشة هموم المهندسين والممارسة المهنية على السواء.. فلقد تم عقد الاجتماع الأول للجمعية العمومية للمصادقة على أعمال الجمعية كاللائحة التنفيذية والحسابات الختامية وخطة عمل الهيئة والتقرير السنوي حتى نهاية عام 2004م وأخيراً خطة انتخابات مجلس الادارة «الدورة الثانية» وذلك من خلال أعمال الندوة التي عقدت في مركز الملك فهد الثقافي بمدينة الرياض وبعنوان «المهندس ودوره في بناء الاقتصاد الوطني» والتي كانت تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز. الجلسة الختامية كانت أمتع الفقرات التي جاءت بها الندوة حيث أتحفنا المهندس الزميل المخضرم علي عثمان الزيد بقدرة فائقة في إدارة الحوار والمناقشات الساخنة وعلى مدى الساعتين وخمسة وأربعين دقيقة ومن دون اي تشنج أو عصبية تذكر لتفسد روح الديموقراطية التي سادت على الجلسة حيث شملت المهندسين «وعلى الرغم قلة عددهم» كافة وبمن فيهم المعماريون والزراعيون، والجيولوجيون، ومن مختلف مناطق المملكة. بقي أن نشكر جميع العاملين في الهيئة السعودية للمهندسين وعلى رأسهم مجلس الادارة الحالي وكذلك الأمين العام الحالي الزميل المهندس صالح بن عبدالرحمن العمرو وبقية زملائه في الأمانة وكذلك يجب ألا ننسى في هذا اليوم التاريخي جهود الرواد الأوائل في مسيرة «اللجنة الهندسية» والتي أصبحت هيئة مهنية مستقلة في الوقت الحاضر ولا بأس في ذكر أسماء هؤلاء فقد أضاءوا شموعاً في أزمنة كان التجمع للمهندسين يعد من المحظورات وهم: المهندس فهد الشبل، والدكتور المهندس خالد بن فهد المديني والمهندس عبدالحميد العوضي والمهندس حسين ابوالطاهر، والمهندس عبدالعزيز اليوسفي والذين تعاقبوا على أمانة اللجنة الهندسية الاستشارية وعلى مدى العشرين سنة الماضية. ما تبقى لي من مساحة صغيرة في هذا العمود الاسبوعي يمكن الاستفادة منه في مراجعة بعض الدروس والعبر التي جاءت بها الندوة والتي تعبر عن بعض وجهات النظر لدى الكثير من المهندسين والفنيين وطلاب الهندسة ومنها «الوصايا أو الاستراتيجيات العشر» والتي تعكس الرؤية والرسالة والكلام الجميل الذي نقرأه دائماً في محاضرات التخطيط الاستراتيجي وغيره.. هذه البنود العشرة تم ذكرها منذ تولي الأمين العام الاول «1407ه» لمهامه في اللجنة الهندسية «الهيئة حاليا» واشبعت بحثاً ودراسة في عهد الأمينين السابقين العوضي واليوسفي وماذا كانت النتيجة؟.. اسمع وأرى استراتيجيات ولكن لا أرى طحنا.. وباعتبار أن الأخير قد تم رفع الدعم عنه. الكثير منا أصبح عنده حساسية من مصطلح «الاستراتيجية» ولنا عبرة في الاستراتيجيات الوطنية السابقة واللاحقة وارتباطها ببقاء الوزير المعني من ذهابه، معشر المهندسين لم يروا انجازاً مهنياً واحداً يثلج الصدر فهناك مثلا تحديد مستوى الأتعاب وهنالك التأهيل والتصنيف الهندسي او الكادر وغيره والتي لم تتبلور حتى كتابة هذه السطور ولولا منح مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية «المصاحبة بالاغراء المادي» لقبعت بعض هذه المشاريع المهنية في الأدراج ولأزمنة سحيقة لا يعلمها إلا الله ومن هنا كانت الفجوة بين المهندسين وهيئتهم حيث دائما ما كنا نسمع هذه العبارة «ماذا قدمت لنا اللجنة أو الهيئة؟» يطالبونا بالاشتراك والنتيجة تغير شكل البطاقة من ورقية إلى بلاستيكية او تجديد اعداد مجلة «المهندس» وتبديل نوعية الخط على الغلاف او تبادل كراسي مدير التحرير ورئيس التحرير ما يريده المهندسون هو بناء الثقة مرة أخرى ومؤكداً لا يهمهم عدد الاستراتيجيات، فلربما تكون ثلاثة استراتيجيات أجدى واهم من العشرة ويمكن تحقيقها في فترة زمنية ميسرة وكما هو مذكور «2005 - 2007م» ولتشرق الشمس في يوم جديد مليء بالأمل والعمل. العهد الجديد مليء بالتحديات وأهمها الاصلاح والتغير وليكن في معلومنا بأن التغير «العولمي» قادم لا محالة والعمل الجماعي مطلوب في هذه المرحلة والمحاسبة على التقصير واردة والبقاء للأصلح والأقوى علمياً ومهنياً.. بقي أن نثبت لأولي الأمر بأن المهندسين أنفسهم قادرون على إدارة مهنتهم باقتدار وكفاءة عالية وهم الذين طالبوا مرارا بعدم ربطهم باي وزارة أو جهة حكومية تحد من طموحهم وآمالهم، حان الوقت ونحن في الميدان الآن فالتفوا حول هيئهم وأثبتوا للجمعيات والنقابات الهندسية المجاورة بأن «الهيئة السعودية للمهندسين.. غير! وقادرة على التنافس..