تحرُّك دبلوماسي قاده الرئيس الفرنسي «هولاند» زار لبنان ودول الخليج العربي، أعقبه رئيس الوزراء البريطاني «ديفيد كاميرون» ليزور عدة دول بما فيها الدول الخليجية، وبنفس التوقيت جاء وزير الخارجية الروسية للقاهرة وعمّان، وربما يعرّج على دول أخرى.. برز في الزيارات عقد صفقات تجارية وعسكرية، وملفّا سورية وإيران باعتبارهما الأكثر سخونة، مع أن المنطقة لم تبرد أحداثها منذ 1948م أي منذ نكبة فلسطين، وحتى هذه اللحظة.. ولعل أكثر من أحدث التغييرات، وقاد الحروب ومزق خارطة الوطن العربي هما الدولتان العظميان آنذاك بريطانيا وفرنسا، ومع التغير الزمني وعودتهما إلى جغرافية الدولة، لتدخل أمريكا والاتحاد السوفياتي قيادة الحرب الباردة والساخنة معاً عندما انقسم العرب بين الشرق والغرب تغيرت الأشياء.. لا شك أن أوروبا وخاصة فرنسا وبريطانيا زادت مصالحهما بعد انحسار دورهما الاستعماري، لأنهما عادتا إلى المبادلات الاقتصادية والتجارية، ودخلتا على الخط في المنافسة على توريد السلاح، لكن ميزانهما السياسي، رغم وجودهما عضوين في مجلس الأمن، إلا أن رأس القاطرة في أمريكا وهما مجرد عامل مساعد في حل أو تعقيد أي موقف في المنطقة وخارجها.. روسيا لم يكن حضورها قوياً كما كان الاتحاد السوفياتي، وعدا سورية ومن لديها روابط تسلح مع بعض الدول العربية، لا نجدها تمثل قوة مميزة، لأنها دخلت قضايا داخلية كادت تعصف بكل شيء بما فيها الاتحاد الروسي، وحالياً تسعى للدخول للمعادلة الجديدة، أي مقارعة القوى التقليدية الأطلسية بالتقوّي بالقطب الصيني القادم، ومع تعارض المصالح بين البلدين، فإنهما استطاعا أن يمثلا ثنائياً قوياً في مجلس الأمن تجاه ما يجري في سورية.. الصين تجارياً مع دول المنطقة العربية تمثل قوة كبيرة، حافظت عليها رغم انحيازها للنظام السوري، وتختلف عن روسيا بأنها مؤيد سياسي للحكم دون دعم عسكري، وهذا ميزها بأنها أبقت على النوافذ مفتوحة غير أن روسيا بعد أن أدركت أن النظام السوري دخل مرحلة الضبابية وصعوبة قراءة المستقبل بقدرة النظام على البقاء، صار وزير الخارجية الروسي (لافروف) يحاول ترميم علاقات بلده بإعطاء التصريحات دون التنازلات، لكنه بدأ يدرك ضرورة تغيير النظرة السائدة بأن روسيا ضد التوجه العربي كله، وهنا سعى (لافروف) إلى الاجتماع إلى وزراء دول مجلس التعاون، وهو لم يكن اتجاهاً ثابتاً في السياسة الروسية، بل غالباً ما كانت داعماً أساسياً لإيران والتي تدرك أنها على خلاف مع تلك الدول، لكن لا يمنع سماع الصوت الروسي إذا كان لديه ما يقوله خارج اللعبة الدبلوماسية المكشوفة، بحيث يمثل المنطق والمصالح المشتركة لأن أزمنة الحرب الباردة انتهت، وأصبحت الدول العربية خارج الاستقطاب القديم، وقدرتها على المساهمة في حل الأزمة السورية ينقذها من خلق قضية مع دول المنطقة، وهي، بلا شك دولة عظمى تستطيع أن تكون مع حق الشعب السوري لا ضده..