** الاستخفاف بالآخرين.. عادة ما تكون نتائجه حاسمة في الرياضة.. لأنها تأتي سريعة وغير قابلة للتصديق أحياناً. وبمناسبة دورة الألعاب الأولمبية.. مازلنا نذكر ما حدث للعداءة المغربية في دورة أولمبية ماضية.. حين كانت العداءة المغربية متقدمة بمسافة مناسبة.. وأدى بها استخفافها بمن يعدو وراءها.. إلى التريث والإشارة لمن خلفها بأن يلحقنها بحركات تحدّ واستهجان.. فما كان من احداهن وهي عداءة روسية كما أذكر.. أن واصلت العدو بمزيد من الاصرار وكانت النتيجة أن تقدمت واحتلت المركز الأول تاركة المركز الثاني للعداءة المغربية وبأجزاء قليلة من الثواني. وكان ذلك درساً مستحقاً على الهواء مباشرة.. ونحن نكاد نرى ذلك يكاد يتكرر من خلال مجموعة من العدائين الجمايكيين.. الذين يتنافسون جميعاً على المركز الأول في مئة ومئتي متر التي يسيطر عليهما زميلهما بولت الذي يعلن عن تحديه بكثير من الاستعراض الذي لا ينم عن الاستخفاف بقدرات الآخرين بقدر ما يصدر عن نوع من الثقة الكبيرة بالنفس.. لكن هذا الاستعراض يأتي ايضاً نتيجة لثقته بأن مركزه مهدد وفي أية لحظة.. وان كان قد استطاع ان يحافظ علي أولوية سباق المائتي متر.. فإن مركزه في سباق المائة متر مازال مهدداً ومن ذلك الزميل الذي يشاركه التدريبات على يد نفس المدرب وفي نفس المضمار.. وكان قبل فترة وجيزة من الدورة الأولمبية قد تقدم عليه وانتزع منه المركز الأول غير ان هذا لا يعني ان التحفيز للنفس هو استخفاف بقدر ما يعني أن طريقة التحفيز.. هي تحفيز للآخر أيضاً.. وهنا تأتي خطورة الاستعراض. أما في جوانب الحياة الأخرى فإن هناك دروسا كثيرة تقدم لنا أمثلة الاستخفاف الذي تكون نتائجه وخيمة على صاحبه. والأكثر سوءاً من الاستخفاف.. هو الاستغفال.. الذي يقوم به المتذاكي الذي يظن بالآخر الجهل والغباء.. أو يظن أن ظروفه العامة لا تسمح له بأن ينال ما هو أكثر من أن يكون مستغفلاً قابلا لجعل الأمور تمر من أمامه ومن بين يديه دون أن يفطن لها أو يستطيع ان يتصرف ازاءها بأي نوع من القدرات المحفزة. والمتذاكي عادة ما يكون آخر من يفطن إلى حقيقة أنه ليس سوى مجرد غبي خدمته ظروفه.. ليس للاستخفاف بالآخرين واستغفالهم لكن لأن ظروفهم هي التي وضعتهم في موقع يجعل المتذاكي يعتقد انه ذكي بالفعل.. أو على طريقة المغني المصري هوبا الذي يسخر من «حطه السيل من علي» بطريقة بالغة الخفة والطرافة.