لا يريد أن يتوقف أمام الوقت.. ولا يعنيه إن كان صباحاً، أو مساءً.. أو ساعة فارقة من ساعات الزمن المتكرر.. هي لحظة ستتوارى بعد قليل.. وستعود مثلها غداً.. وبعد غد.. يشعر أنه متعب.. من ماذا؟ لا يعرف.. بماذا؟ ايضاً لا يعرف.. هل يذهب إلى الطبيب؟.. لا يعرف؟ ماذا سيقول له؟ أيضاً لا يعرف؟ لا يشتكي من شيء ما.. ولا يمسك بألم في جسده.. لكنه قد يجد إن حاول أن يفحص فحصاً كاملاً ولذلك لا يريد الذهاب.. واكتشاف ما يجهله.. وسيدع الأمور تظل كما هي.. ماذا يؤلمه؟ أحلامه المتوقفة.. آماله الضائعة.. اللحظات التي لم يستطع أن يضبطها... البحث الدائم من مكانه عن غد أفضل.. أو قادم كما يريده.. لا كما يكون.. يبحث عن التفاؤل.. ليربطه بحلم الغد..! وبمعنى آخر ينسجم مع من يقول إن الحلم مرتبط بالتفاؤل ببكرة.. أو قادم الأيام... لم يكن متشائماً كغيره ممن يعرفهم.. حتى وإن أغلق أحياناً باباً مفتوحاً.. لكن في الوقت نفسه لم يكن ساعياً لملامسة مفاتيح التفاؤل.. قرأ ذات مرة ان التفاؤل والمشاعر الايجابية قد تخفف من خطر الإصابة بالأزمات القلبية.. حيث وجد الباحثون في جامعة هارفارد أكثر من 200 دراسة، تؤكد ان الميزات النفسية مثل التفاؤل، والمشاعر الايجابية يمكن ان تحمي ضد أمراض القلب، والشرايين، كما أنها يمكن ان تمنع من تطوّر المرض.. وقالت الدراسات ان فقدان المشاعر السلبية ليس كوجود المشاعر الايجابية فعوامل مثل التفاؤل، والرضا عن الحياة، والسعادة ترتبط بتقليص خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين بغض النظر عن عوامل أخرى مثل العمر والوضع الاجتماعي والاقتصادي والتدخين والوزن.. وخلصت الدراسات إلى أن المستويات الأعلى من الرضا والتفاؤل والسعادة تكمن وراء صحة القلب، والشرايين، وأنه حال واصلت الدراسات المستقبلية تأكيد ذلك فإنه سيكون لذلك تأثير قوي على تصميم استراتيجيات حمايةٍ وتدخلٍ خاصة بهذه الأمراض.. يتسرب الوقت.. لكنه لا ينسى استمرارية اللاشيء التي يعيشها.. لا ينسى غياب التفاصيل الصغيرة التي اعتادها.. لا ينسى انخفاض سقف ما كان يريده.. لا ينسى أنه يستمرئ حياة طفرةِ ما لا يعرفه غداً.. ووهج تسريب الزمن الذي بين يديه.. هذه الرفقة الدائمة واليومية للاشيء تبدو مخادعة.. بل هي مخادعة.. وإن أشعرته بالأمان.. حيث إنه كما يعرف عن نفسه على الأقل أشرق الأمان على نوافذه بكل شيء.. وتسربل به ايضاً دون لاشيء.. الصورة السيئة التي يراها الآخر.. ولا يلمسها هو علانية.. لكن يشعر بوجودها يغوص ايضاً في جانبها الحسن، مهما كانت هذه الثقافة غير مألوفة.. يتكاثر لديه إحساس واع بأن يتمسك بالزمن الذي بين يديه ويشربه تدريجياً.. يحرص عليه.. يمنع اختطافه ممن يستعدون لذلك باستمرارية متجددة.. يهرب مما هو سلبي حتى وإن تحمل مسؤوليته.. ثمة أزمنة مفتوحة بجدران الأمل.. وديار الحياة التي قد تمنح الفصول وجهها وملامحها.. وتعيد للإنسان أحلامه.. وذلك النصف الغائب من الحياة والذي أمتعت عمرك كله بجانبه باحثاً..