تراجع سلوك المستثمرين الأفراد في دول مجلس التعاون الخليجي واستعدادهم بتحمل المخاطر وتحمل الفروق بين أسعار الفائدة والبحث عن الدخل، رغم وجود فروق واضحة في نسب تخصيص الأصول الاستثمارية. ولم يشكل عام 2012 نقطة الانعطاف التي ازداد فيها استعداد المستثمرين لتحمل المخاطر كما كان متوقعاً في عام 2011 بسبب استطالة مدة ظاهرة الربيع العربي. ويظهر تقرير إنفيسكو الشرق الأوسط لإدارة الأصول أن تراجع العائدات عن أرقامها المستهدفة هيمن على الساحة عام 2012 نتيجة استمرار الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا) واستمرار تذبذب الأسواق. وبينما شمل اختلاف سلوكيات مختلف شرائح المستثمرين من الأفراد أهم مواضيع التقرير بصورة عامة، شكل بحث المستثمرين عن الدخل وما نجم عنه من إعادة تخصيص الأصول الاستثمارية أهم تلك المواضيع بصفة خاصة. وكشفت التغيرات السنوية لأفضليات تخصيص الاستثمارات في دول مجلس التعاون الخليجي النقاب عن تشكيل فرص الاستثمار قصيرة الأمد التي وفرتها فروق أسعار الفائدة الدافع الرئيس للسلوك الاستثماري للمواطنين الخليجيين والوافدين الهنود والعرب، كما شكلَ انخفاض أسعار الفائدة والحاجة إلى الأمان النسبي والمقاربة الاستثمارية المحافظة في الأسواق المتقدمة الدافع الرئيس للأفضليات الاستثمارية للوافدين الغربيين. ومن ناحيتها كشفت النتائج التي توصل إليها التقرير عن اختلاف كبير في خيارات تخصيص الأصول الاستثمارية. وقال نِك تولشارد، رئيس شركة إنفيسكو الشرق الأوسط لإدارة الأصول "تظهر لنا دراسة العام الحالي إن المستثمرين الأفراد يتشاطرون السعي للحصول على دخل". وتعد هذه المعلومات حيوية حين يتعلق الأمر بأنواع المنتجات الاستثمارية التي يتوجب توفيرها لهذه المجموعات من المستثمرين. وازداد تفضيل شريحتي المواطنين الخليجيين والوافدين العرب للاستثمار في السندات المحلية ذات الدخل الثابت منذ عام 2011 بزيادة سنوية بلغت نسبتها 58% و338% على التوالي، تحدوهم الفروق الكبيرة بين أسعار الفائدة والدخل الجذّاب نسبياً لعائدات سندات المديونية التي تصدرها الحكومات أو المؤسسات شبه الحكومية المحلية، والمرتبطة بأسعار الفائدة الثابتة التي تعرضها عليهم. ويعتقد المستثمرون في هاتين الشريحتين أن العائدات الراهنة للسندات الإماراتية والقطرية التي تناهز 5% في بعض الحالات، تعد جذّابةً من حيث مُعامِل المخاطرة العائد مقارنة مع عائدات السندات العالمية التي تهيمن عليها السندات الأمريكية التي تقل عن 1%. وشهدت شريحة المستثمرين الأفراد من الوافدين العرب أكبر تغيير من حيث التركيز على الاستثمار في أسواق مَواطنهم الأصلية، حيث تراجعت نسبة ذلك التركيز من 27% عام 2011 إلى 10% عام 2012، وتتميز استثمارات الوافدين العرب بقصر آجال استحقاقها التي يبلغ متوسطها 1.9 سنة. ويعكس هذان التطوران استمرار انعدام الاستقرار والاضطرابات في منطقة (مينا)، بالتزامن مع نزوح مواطني ورساميل دول تلك المنطقة عن مواطنهم الأصلية. ومن ناحيته لا يزال تركيز المواطنين الخليجيين على الاستثمار في أسواقهم المحلية قوياً، ولم يتعرض سوى لتغيير طفيف خلال العام الحالي ليستقر عند متوسط 55%. ويشير السلوك الاستثماري للوافدين الغربيين إلى ازدياد إقبالهم على الاستثمار في الأصول العالمية ثابتة الدخل من 14% عام 2011 إلى 18% عام 2012 وهو ما يشكل بصورة عامة انعكاساً لبيئتهم السائدة المتميزة بانخفاض أسعار الفائدة وسعيهم لتحقيق دخل جيد وحاجتهم إلى توفير أمان نسبي لأصولهم. ولاحظت الدراسة استمرار الإقبال القوي للوافدين الغربيين على الاستثمار عبر بوالص التأمين على الحياة المعززة ببرامج استثمارية، لتشكل ما نسبته 62% من محافظهم الاستثمارية، حيث تشكل المنتجات الاستثمارية المتميزة المنفردة الحصة الأكبر من قيمة تلك الاستثمارات 37%. كما ارتفع الطلب على الأذون المهيكلة وهي أدوات استثمارية مركبَة تضمن حماية محدودة للأصول المستثمرة وعائداً جيداً، وفقاً لأداء المؤشرات التي ترتبط بها، من 7% العام الماضي إلى 11% هذا العام. وتعد شريحة الوافدين الغربيين الوحيدة من نوعها التي شهدت ارتفاعاً في آجال استحقاق استثمارتها، حيث ارتفعت من 6.7% العام الماضي إلى 7.5% العام الحالي، في حين استقر الاستثمار في أسواق المواطن الأصلية لهؤلاء المستثمرين إلى حد كبير عند مستوياته عام 2011 عند 22%.