في عام 2007 عرضت في مكتبة الكونغرس الأمريكي خريطة غامضة يعود عمرها إلى 500 عام ورد فيها لأول مرة اسم أميركا على القارة الجديدة (قبل أن يطمس الاسم لاحقا لأسباب مجهولة).. وهذه الخريطة التي رسمت عام 1507 مازالت لغزاً يحيّر الباحثين والخبراء حتى اليوم.. فلماذا أطلق الرسام مثلا اسم أميركا ثم غيّر رأيه لاحقاً؟ وكيف استطاع أن يرسم سواحل القارة بتلك الدقة المدهشة؟.. وكيف رسم محيطاً ضخماً غرب الأمريكتين قبل سنوات من اكتشاف البحارة للمحيط الهادي!؟ .. جزء من الأجوبة نجده في آخر مقال بخصوص (الخرائط المحيرة) عبر في التاريخ.. أما بخصوص هذه الخريطة بالذات فيقول جون هيبيرت رئيس قسم الخرائط في مكتبة الكونغرس: إنّها ببساطة لغز عجزنا عن حله وسؤال لايزال معلقاً كونها متقنة لدرجة يصعب تنفيذها في ذلك الوقت. وكان خبراء المخطوطات قد صفوا القطع الاثنتي عشرة التي تتكون منها الخريطة على لوحة ألمنيوم أبعادها 1.85 في 2.95 متر وضعت بأكملها وسط غاز أرجون خامل للحيلولة دون تلفها.. وقد تم شراء الخريطة من الأمير الألماني يوهانس فالدبورج فولفيج مقابل عشرة ملايين دولار عام 2003 ولم تكن معروفة للناس منذ اكتشافها ضمن المحفوظات في قصر فالدبورج فولفيج عام 1901. ويعتقد أن الراهب الألماني مارتين فالدسيمولر رسم اللوحة بعد «13» عاماً من اكتشاف كريستوفر كولومبوس للطرف الشرقي من أمريكا الجنوبية.. ففي ذلك الوقت جمع دوق منطقة اللورين فالدسيمولر مجموعة من الباحثين في دير سانت دي في فرنسا لرسم خريطة جديدة للعالم، والنتيجة التي ظهرت بعد عامين كانت دقيقة وحديثة لدرجة تفوقت على اكتشافات كولومبس في ذلك الوقت (لدرجة يعتقد أنها استمدت مصادرها من خرائط متقنة أقدم بكثير ولا تمت لجهود كولومبس بصلة)!! - ومن الخرائط المحيرة الأخرى تلك التي رسمها بحار تركي عاش في القرن السادس عشر يدعى حاجي أحمد أو Piri Reis كما يدعى في الغرب.. وأعيد اكتشاف الخريطة في بداية القرن العشرين (أثناء نقل مقتنيات السلطان العثماني إلى متحف توبكابي باسطنبول) وتظهر عليها تفاصيل القارة القطبية الجنوبية (الأنتارتكا) بدون الغطاء الجليدي الموجود عليها حاليا.. ويعترف حاجي أحمد أنه رسم خريطته معتمدا على خرائط قديمة جدا رسمت من قبل حضارات عريقة عاشت في القارة القطبية الجنوبية (قبل أن يغطي الجليد سواحلها الشمالية قبل 6000 عام)!! .. وكما نسخها "حاجي أحمد" من خرائط أكثر قدما يُعتقد أن خريطته هذه شكلت الأصل الذي نسخت منه خريطة أخرى غامضة ظهرت في أوروبا قبل 460 عاما تدعى خريطة فينيوس (Finius"s Map).. وفي هذه الخريطة تظهر أيضا السواحل الشمالية لأنتاركتيا خالية من الجليد، في حين يظهر فيها مجرى نهر مائي عظيم يصب في البحر.. وفي عام 1994 قامت بعثة بريطانية بثقب الجليد نزولا الى موقع النهر (كما تشير الخريطة) فاكتشفت بقايا فخار حراري وطمي نهري في منطقة لا تبعد كثيرا عن خليج روز.. وحسب الدراسات التي أجريت على العينات المسحوبة كان النهر يفيض بالماء العذب قبل أن يتجمد قبل 6000 عام ويحرم الناس حوله من خيراته!! .. وقبل 6000 عام لم يكن السومريون في العراق قد اخترعوا الكتابة ولم يكن الفراعنة في مصر قد اكتشفوا فن النحت.. والمدهش أكثر أنه في الوقت الذي كانت فيه هاتان الحضارتان تتشكلان - كأقدم حضارتين في التاريخ - بدأ الجليد يزحف على كامل القارة الجنوبية ويغطي واحدة من أقدم الحضارات المجهولة من حقبة (ماقبل التاريخ)!