كثيراً ما اقترن مفهوم الإصابة بمرض السرطان بنظرة سوداوية مفادها الموت عاجلاً كان أم آجلاً مما يؤثر بشكل جوهري على المريض حين يرى النظرات الحزينة المنعكسة على وجوه من يحب، وعند البحث خلف هذا المفهوم الخاطىء تتجلى لدينا عدة عوامل، من أبرزها عاملان رئيسان: * الجهل بالمرض: فيلعب انخفاض الوعي الصحي لدى المجتمع دوراً هاماً في ذلك، فمرض السرطان كغيره من الأمراض قابل للعلاج، وهنا يأتي دور الحملات التوعوية في كلٍ من المؤسسات الصحية في المجتمع بالتعاون مع المدارس باختلاف مراحلها التعليمية والجامعات ومعاهد التربية والتعليم والوزارات حتى يتم الوصول لأكبر شريحة ممكنة من المجتمع، فيتم التعريف بهذا المرض وذكر أعراضه والعوامل المساعدة للإصابة به بالإضافة لشرح طرق تشخيصه وعلاجه مع التركيز على أهمية الكشف المبكر له الذي يشكل اللبنة الرئيسية في الشفاء منه بإذن الله، حيث توجد مراكز متخصصة تقوم بالكشف المبكر وبشكل مجاني أيضاً. * تجربة شخصية: يسرد العديد تجارب لأشخاص تربطهم بهم معرفة أو صلة دم فارقوا الحياة بعد إصابتهم بالمرض نظراً لعدم استجابتهم للعلاج، وهنا لابد من التنويه على اختلاف أنواع ومراحل مرض السرطان، فوفاة مريض بالسرطان لا تعني نهائياً وفاة كل المرضى. عند العمل على هذين العاملين سنجد نظرة تفاؤلية من كل فرد من أفراد المجتمع ليصبحوا بذلك عناصر فعالة قادرة على تقديم المساعدة لمرضى السرطان، إن حاجة المريض للدعم النفسي من كل فرد من أفراد أسرته وصولاً لأصدقائه كبيرة، وذلك لمساعدته على تقبل الإصابة بهذا المرض وتشجيعه باستمرار أثناء رحلة العلاج خصوصاً عند مروره بالمضاعفات الجانبية المزعجة. بالإضافة للدعم الأسري فلا نغفل عن أهمية وجود أخصائي نفسي متخصص في تقديم الدعم والعلاج النفسي للمصابين بالأمراض الخبيثة، فيعمل أولاً على كسب ثقة المريض ومساعدته على تقبل المرض وبالتالي الوصول للاستقرار العاطفي ثم تعزيز قدارته على هزيمته، ويتم ذلك من خلال جلسات عديدة على فترات متقاربة وبشكل فردي حيث يتم رسم الخطة العلاجية بعد تحليل شامل ودقيق لكل مريض على حدة بما يتناسب مع إمكانياته وقدراته، وقد يلجأ الأخصائي النفسي إلى إدراج الأسرة في هذه الخطة للوصول للنتيجة النهائية المطلوبة. فقد تداولت الكثير من الأبحاث العالمية والمحلية دور الأخصائي النفسي لهذه الفئة من المرضى في مساعدتهم للتصدي للمرض مقارنة بغيرهم ممن لم يتم تقديم الدعم النفسي لهم. كما أظهرت نتائج دراسات حديثة على أن المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج والدعم النفسي تمكنوا من أخذ الجرعات المحددة من العلاج الكيميائي، بينما لم يستطع غيرهم ممن لم يتم توفير الدعم النفسي لهم على إكمال العلاج وذلك بسبب الأعراض الجانبية للعلاج الكيميائي والتي ظهرت بنسبة تفوق ما مرت به الفئة الأولى مما أجبر الطبيب المعالج على إيقاف العلاج وتغيير المسار العلاجي وبالتالي التأثير سلبياً على نسبة الشفاء. وأخيراً نستخلص أن الدعم النفسي سواء كان من أسرة المريض أم من الأخصائي النفسي يسير بشكل متوازٍ مع العلاج الدوائي ولا يقل أهمية عنه. * قسم أمراض الدم الحميدة والخبيثة للبالغين