أُتي للفاروق، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برجلٍ ذي جناية، فرأى وراءه رجالاً متجمهرين يريدون أن يروا ماذا يكون، فقال عمر: - لا مرحباً بهذه الوجوه التي لا تُرَى إلاَّ وقت الشر..! وطردهم شرَّ طردة! قلت: ولا يكاد يقع حادث مرور أو نحوه حتى يتجمهر حوله خلق كثيرون رغبةً في الفضول أو حباً للشر من بعضهم - وإن أدعى أنه يريد العبرة - وبعضهم يحدق في المصاب الذي يصرخ ألماً ولا يقدم أي مساعدة، بل هم - بهذا التجمهر - يزعجون المسعفين ويؤخرون وصول سيارة الإسعاف أو الإطفاء وأكثرهم وجوده ضرر.. وينطبق على كثير من هؤلاء جواب صعصعة بن صحوان لمعاوية حين سأله: - صف لي الناس؟ فقال: - خُلق الناس أطوارا: طائفة للسيادة والولاية، وطائفة للعلم والفقه، وطائفة للبائس والنجدة، وطائفة للتجارة والعمل الجاد، (ورجرجةٌ) بين ذلك يُغلون السعر، ويكدِّرون الماء، إذا اجتمعوا ضروا، وإذا تفرّقوا لم ينفعوا ولم يُعرفوا.. والرجلان يستويان في الشكل والفعل مختلف جداً، سُئِل أبو العيناء عن رجلين أحدهما فاضل والآخر سافل، فقال: (وما يستوي البحران هذا عذب فرات وهذا ملح أُجاج). ويقولون في ذي المظهر الجيد والمخبر السيئ: إن دنوتَ منه غرّك، وإن أبعدتَ عنه ضرك.. ومع أن الذين يتجمهرون حول كل شر غير مُرَحَّبٍ بهم، فإن الذي يتتبع أخطاء الناس ويشهر بها أسوأ بكثير، فهو حاقد حاسد، فإن الستر على المخطئ من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف. وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه يقول: (لو لم أجد إلا ردائي لسترتُ به المخطئ..) إن السماحة وحب الخير للناس هما مفاتيح النجاح والسعادة.