يرى العديد من الخبراء ان حملة التوضيحات التي قامت بها الحكومة الاميركية طوال اسبوع كامل في الذكرى الاولى لنقل السلطة الى العراقيين اواخر (حزيران)يونيو 2004 لم تسفر عن تبديد الشكوك وعلامات الاستفهام التي تحيط بالاستراتيجية الاميركية في العراق. وقد بلغت هذه الحملة اوجها مع الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة العراقية ابراهيم الجعفري الى البيت الابيض، لكن خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش مساء الثلاثاء لم يقل للاميركيين متى ستغادر قواتهم هذا البلد ولم يكشف اي تفاصيل اخرى عن مراحل الانسحاب المحتمل. واكتفى بوش وهو يتحدث عن الخطوات الاميركية المقبلة في العراق بالقول «عندما يتمكن العراقيون من تولي الامور بانفسهم سننسحب» مشددا في الوقت نفسه على ضرورة ان تبقى واشنطن حازمة وموحدة كما كانت غداة اعتداءات القاعدة على نيويوركوواشنطن في الحادي عشر من (ايلول)سبتمبر 2001 وهي المحطة التي يعود اليها المسؤولون الاميركيون في كل مناسبة. ورأى الباحث مايكل اوهانلون في معهد بروكينغز انستتيوشن في مقال نشره في صحيفة واشنطن بوست «ان الرئيس قدم حججا قوية وخطيرة لمواصلة المهمة في العراق مطالبا الاميركيين بان يواصلوا الدعم له شاكرا للعسكريين تضحياتهم.. لكنه فيما هو يطلب الكثير لم يقم بما هو مطلوب منه اي تصحيح مسيرته». وقد لقي اكثر من1700جندي اميركي مصرعهم في العراق لكن معارضة الحرب بدت في الاستطلاعات الاخيرة في ادنى مستوى لها منذ اجتياح هذا البلد في (اذار)مارس 2003ويشير المحللون الى ان الخطاب الرئاسي الذي لم يجب على كل التساؤلات لا يملك فرصا كبيرة لاقناع الراي العام الاميركي وتوحيده في الشان العراقي. واستنادا الى ما ذكره معهد نيلسن فان جمهورا واسعا من الاميركيين لم يلتفت الى الخطاب الرئاسي الذي عادة ما يكون موضع متابعة من قبل عشرين مليون مشاهد. وفي ارقام المعهد نفسه فان هذا الجمهور تراجع بنسبة 41 في المئة عما كان عليه اخر مؤتمر صحافي لبوش في اوج فترات المتابعة في (نيسان)ابريل الماضي. الى ذلك فان الرئيس بوش تحدث ولقي آذانا صاغية من جمهور هو في الاصل معه،فقد بين استطلاع للرأي قام به معهد غالوب لصالح شبكة «سي ان ان» وصحيفة «يو اس تو داي» ان نصف من تابعوا خطاب الرئيس كانوا من الجمهوريين بينما لم يكن نصيب الديمقراطيين سوى 23 في المئة فيما قال 27 في المئة انهم مستقلون. وعلق احد المسؤولين عن الاستطلاعات في شبكة «سي ان ان»، كيتنغ هولند، بالقول«الكثير من الاميركيين لم يتابعوا الخطاب واثنان من كل ثلاثة اميركيين تابعوه كانا من الجمهوريين وبمعنى اخر فان الغالبية المتابعة كانت سلفا في صف الرئيس». ويقول اوهانلون الذي تحدثت اليه وكالة فرانس برس «لقد سمعنا خطابات في هذا الشان والجمهور لن يغير رأيه بمجرد الاستماع الى خطاب اكثر». لكن الباحث نفسه قلل من شان ما يمكن ان يمثله تشكيك الرأي العام من اعاقة للحكومة موضحا «اذا كان ما يراود الرأي العام ليس اكثر من شكوك فان الرئيس يمكن ان يتكيف معه وذلك لا يعني ضغوطا مباشرة لتغيير التوجه». وفي اي حال فان الجميع يعترفون حتى في صفوف الجمهوريين بان مجرد حملة حتى ولو رافقها خطاب رئاسي «ممتاز» كما وصفه السناتور الجمهوري جون ماكين، ليست كافية لاجتذاب الرأي العام. وقال ماكين «يجب ان ننجح.. نحن بحاجة الى نجاحات.. ويشجعني ان نسبة 58 في المئة من الاميركيين يرون ضرورة الاستمرار والمثابرة» مستشهدا بالارقام التي جاءت في استطلاع اجري بداية الاسبوع.