ثمة حيرة وتردد يعيشهما كل طالب أنهى الثانوية العامة (التوجيهي) فلا يدري إلى أين سيتجه، ولا يعزم أمره في أمر يخصه وحده.. وهي حالة يعيشها كل طالب وطالبة بلا استثناء.. وعن نفسي أقول انني بكل فخر من خريجي ثانوية اليمامة الغنية عن التعريف.. ومكانها ليس ببعيد عن سكني آنذاك.. فقد نقلنا الوالد رحمه الله من سكن بيت الطين الصغير إلى (بيت مسلح) بعد شرائه في حي الوشام الفاره أيام زمان.. والقريب من شارع العصارات الذي يوازي شارع التحلية هذه الأيام فخامة وأُبهة.. وكنت أذهب للمدرسة وأعود منها على قدميّ.. ولم تكن المسافة قريبة.. فقد قدرتها فوجدتها تقرب من الثلاثة أكيال (كيلومترات) أو تزيد.. وقد حصلت على التوجيهية (قسم علمي) بتقدير جيد جداً (75%) وهي نسبة كما تلاحظون (تفشل) هذه الأيام.. أما قبل خمس وثلاثين سنة أو تزيد فأبواب جميع الكليات كانت مُشَرَعَة للدخول من أيها أشاء وأريد.. إلا انني في تلك الفترة لم أكن أعرف ماذا أريد بالضبط وأي طريق سأسلك.. ففي تلك السن الصغيرة (السابعة عشرة أو الثامنة عشرة) كانت تتجاذبني آراء ومقترحات كل من يعنيه (ومن لا يعنيه) أمري ومستقبلي.. وأنا أصغي وأوافق على كل مقترح من الأهل والمعارف.. لأقوم بتغييره في اليوم التالي.. إن لم يكن في نفس اليوم إذا استمعت لرأي أو مقترح جديد.. فكان الله في عون حملة الثانوية العامة هذه الأيام.. ولن يلومهم أحد إن عانوا تردداً بين إقدام وإحجام.. وكان لي زملاء أعزاء وأثيرون (في الثانوية العامة) كادوا يجذبونني معهم لما ذهبوا إليه.. وهو الاكتفاء بالثانوية.. والانخراط في عمل حكومي.. خاصة في الخطوط الجوية السعودية.. حيث يعمل فيها إلى الآن ثُلة منهم.. ولو قام أحد موظفي كلية الهندسة في جامعة الملك سعود (جامعة الرياض سابقاً) بالبحث في ملفات الطلبة القديمة لوجد اسمي من ضمن الطلبة الذين تسربوا من كلية الهندسة (خرج ولم يعد) وأذكر ان مبنى الكلية كان في حي الفاخرية القريب من شارع العصارات وحي الوشام حيث أسكن كما قلت.. وسبب سحب ملفي من كلية الهندسة بعد شهر من الدراسة المنتظمة هو تنفيذي لرأي من اقترح علي بأن أذهب لدراسة الطب في لاهور.. وقد كان الابتعاث للدراسة في الخارج على أشده آنذاك (التسعينيات الهجرية) بما يشبه الابتعاث هذه الأيام.. مع انني (بصراحة) لم أتخيل ولم أفكر بأنني سوف أكون طبيباً يوماً من الأيام.. ولكنه القدر والمكتوب.. فليسامحني من قَصُرَ علمي واجتهادي في تخفيف آلامه وبرء سقمه عندما لجأ إلي في عيادتي يوماً ما.. وأن يدعوا لي من كنت سبباً في شفائه أو علاجه يوماً ما.. بوصفة دوائية أو مبضع جراحي في أي مستشفى أو عيادة عملت فيها.. على مدى ربع قرن أو تزيد.. وأرجو أن يكونوا كُثُرا (من يدعون لي لا علي) لعل الله يستجيب.. فأسعد في دنياي وآخرتي.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. * مستشار الطب الوقائي في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية.*