الصغير يطالب بشراء علبة حلوى تنهره أمه وبقوة تؤكد له ان يكون عاقلا والا ستخبر اباه.. في جانب آخر الاب ينهر زوجته وابنه لكثرة طلباتهما ويؤكد لهما انه سيعيدهما للمنزل في حال كررا الطلبات .. في زاوية اخرى الصغيرة تبكي بعد ان تلقت صفعة سريعة من والدتها لانها اخذت حلوى اخيها الصغير.. في زاوية ممتدة باكثر من منحنى الصغير يسير وراء والده وعيناه تتابعان خطوات ابيه ونبرات صوته خوفا ووجلا، ينظر تارة لقصة يقلبها ينظر له والده فيلقيها خوفا لا قناعة برفضها يمسك بقلم تعود النظرة وتتكرر عملية الالقاء يمسك بدفتر فيسأله والده بصوت ناهر هل المدرسة طالبة منك الدفتر الصغير؟ يهز رأسه ايجابا الاب بصمت يعطي الصغير اشارة حمله .. وتتم الاستجابة وتستمر خطوات الحركة الاب ياأخذ مجلة فنية واخرى تحتوى ترددات القنوات الفضائية ثم يخرجان وفي ذاكرة الصغير صورة القصة القصيرة وشريط الالعاب وذاكرة تخزن الخوف من كلمة ناهرة او يد صافعة.. تلك نماذج لبعض مشاهد تعامل بعضنا مع ابنائهم وتلك نماذج تختزل مشاهد العنف اللفظي والجسدي والنفسي ويبقى العنف داخل بعض منازلنا اكبر من ذلك بكثير...، حيث يصر بعضنا على سلب كرامتهم وتجريدهم من إنسانيتهم لفظا او ضربا او إهمالا، وتتنوع اساليب الاساءة ويبقى الاثر السلبي القاسم المشترك بين تلك الاساليب وان اختلف عمق الاثر حيث طبيعة الشخصية ونوع الاذى وتكراره مع ملاحظة نوع البيئة التي تحيط بالابناء حيث الاختلاف او التشابه بين شخصية الابوين فاحيانا يكونان شخصيتين متماثلتين في العنف والنتيجة ضعف شخصية الابناء ومظاهر الخوف والتردد تسيطر عليهم، واحيانا تكون شخصية احد الابوين مناسبة لمهمته التربوية ومتطلبات الابناء فتخلق بعض التوازن في تربية الابناء.. تلك البيئة تلك الأسرة هي من تبتدئ بصناعة شخصية الانسان المواطن الانسان المقدر لذاته، انسان يؤمن ان احترام كرامته واجب على الجميع وليست كرما من البعض، انسان لا يقبل العنف ولا يمارسه..، انسان يؤمن ان الحوار والتعبير لغة البشر ..، انسان يؤمن ان كرامة الانسان ليست في طعامه فقط بل في كل تفاصيل حياته حيث حقوقه تتنوع وتختلف وتتجدد .. اساليب تربيتنا لابنائنا في صغرهم تصنع شخصياتهم في كبرهم تصنع شخصية المواطن القادر على ممارسة دوره في الحياة وهو مدرك ان كرامة الآخرين لا تقبل الاهانة لمجرد أنها تراجع دائرة حكومية في حق لها ..، وان كرامة الانسان لا تقبل الجرح لمجرد أنها اختلفت معك في الرأي..، وان كرامة الانسان لا تقبل ان تهان لمجرد انه فقير. مانربيه لابنائنا في صغرهم يثمر سلوكا وممارسة في كبرهم .. أساس صناعة الكرامة والاحساس بالانسانية وتقدير الذات في المنزل وداخل محيط الاسرة.. كرامة الانسان بذورها في المنزل وأوراقها وظلها في كل ربوع المجتمع ..