صدر عن دارة الملك عبدالعزيز، كتاب حديث، تناول محاضرة نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بعنوان "الأسس التاريخية والفكرية للدولة السعودية "التي ألقاها سموه في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة العام الماضي، مضافاً إليها المداخلات التي أجاب سمو الأمير سلمان عليها، وكذلك المقالات الصحفية التي حللت مضمون هذه المحاضرة القيّمة، وما احتوته من أفكار ومبادئ مهمة عن نشأة المملكة العربية السعودية. واستطاع سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز، خلال هذه المحاضرة أن يتنقل بالحاضرين عبر أزمنة مختلفة مرت بها الجزيرة العربية، مسلطاً الضوء على مراحل نشأة الدولة السعودية وما صاحبها من أحداث وقضايا أثرت فيها، متقناً -حفظه الله- بفكره الثقافي المتين رسم الاتساق بين الحقب التاريخية والسياسية التي مرت بها الدولة الإسلامية، والأموية، والعباسيّة، حتى الدولة السعودية القديمة والمعاصرة. ولأهمية ارتباط هذه البلاد بالدين الإسلامي، فقد استهل سمو الأمير سلمان محاضرته بالتأكيد على أن النظام الأساسي للحكم بالمملكة نصّ في مادته الأولى على أنها دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مضيفاً سموه بأن المادتين السابعة والثامنة تنصان على أن الحكم في المملكة يستمد سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله، ويقوم على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية. وقال سموه" يواصل اليوم سيّدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- هذه السياسة المبنية على أسس الدولة من حيث نصرة الدين وخدمة الحرمين الشريفين والمسلمين، والحرص على شعبه وعلى ما يخدمهم وينميهم ويسهم في رقيهم، ولاشك أن هذا الحرص الذي يوليه الملك عبدالله لشعبه وبلاده والذي يوليه أيضا جميع إخوانه وأبناء هذه الأسرة لهذه البلاد هو استمرار لهذا المنهج وهذه الأسس التي تقوم عليها المملكة". وذهب سموه في ثنايا المحاضرة، إلى توضيح مفهوم الخصوصية التي ترتبط بتأسيس المملكة ومكانتها ورسالتها، مبيناً أنها ليست تقاليد عرفية أو موروثات اجتماعية أو عرقية، بل هي منح ربانية وخصائص شرعية وضمان من الله عز وجل، ورحمة منه لهذه الدولة المتمسكة بشريعته، والتي ترعى وتخدم حرمه الآمن، مهما كانت أحوال الناس، مستشهداً بقول الله تعالى (أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون)، في حين أكد سموه أن هذه الخصوصية لاتفرقنا عن الآخرين، ولا تقلل من شأنهم. وعند حديث سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز، عن قيام الدولة السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- ثمن سموه دور المواطن السعودي في بناء هذه الدولة، مشيراً إلى أن ما نحن فيه الآن تحت ظلال هذه الدولة المباركة والوحدة الوطنية العظيمة، والمنهج السليم، ما كان إلا بفضل الله أولاً، ثم بفضل جميع المواطنين في هذه البلاد الذين قدموا الجهد والتضحية والالتزام الثابت بمبادئ الدولية الصحيحة. وأشار سموه في ذلك السياق إلى أنه لا يوجد أسرة أو قبيلة في هذه البلاد إلا و لآبائها أو أجدادها مشاركةٌ فاعلة في توحيد البلاد وبنائها وتعزيز قوتها ورسالتها، مبيناً أن الجميع في هذا الوطن جزءٌ لا يتجزأ من هذا الانجاز التاريخي لهذه الدولة المباركة وأسهم حقيقة في بنائها ووحدتها وتماسكها. وضم كتاب محاضرة سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الذي يعد الإصدار ال 275 لدارة الملك عبدالعزيز "146 صفحة" اشتملت إلى جانب نص المحاضرة، على مجموعة من مداخلات أصحاب الفضيلة والأكاديميين التي شهدتها المحاضرة، ورد عليها سموه بإجابات اتسمت بالشفافية والوضوح، كما ضم المقالات الصحفية التي كتبها أصحاب السمو الملكي الأمراء، ورؤساء تحرير الصحف، والمفكرين، والأدباء، عن المحاضرة وقيمتها التاريخية والثقافية.