الاعتماد على شبكة الإنترنت يتزايد يوماً بعد آخر، فهي المصدر الأول للباحث عن المعلومة، والوسيلة السريعة للترفيه، والطريقة المثلى للتواصل، وساهم توجه الحكومات في تحويل تعاملاتها إلى إلكترونية في زيادة الإقبال على الإنترنت، أضف إلى ذلك تقديم القطاع المصرفي لجل خدماته عن طريق مواقع البنوك الإلكترونية، فتسديد الفواتير وتحويل الأموال كلها أصبحت تنفذ عبر مواقع البنوك الإلكترونية ومن خلال ضغطة زر واحدة، وهذا ساهم بشكل كبير في اعتماد المواطن على الإنترنت حتى أصبحت جزءاً أساسياً من حياته اليومية، وهنا يلوح سؤال مهم ماذا لو انقطع الاتصال بالإنترنت؟. نجحت الصين في تقليد يوتيوب وتويتر وفيسبوك لتستقطب 300 مليون مستخدم صممت شبكة الإنترنت بحيث لا تنقطع نهائياً، فلو تعطل ارتباط الإنترنت مع دولة معينة لن تتوقف عن الإنترنت إلا المواقع الموجودة على سيرفرات داخل هذه الدولة، بحيث لن يستطيع أحداً من مشاهدة هذه المواقع، بينما سينحصر اطلاع سكان هذه الدولة على المواقع التي تحتضنها سيرفرات داخلها فقط، ولن تكون الخسارة فادحة إلا إذا تعطل الارتباط بدولة تحتضن سيرفرات مهمة ومواقع متنوعة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وهذا في الغالب لا يحدث. فلو انقطع الاتصال بالإنترنت عن المملكة مثلاُ، فماذا سيحدث؟، الذي سيحدث أننا لن نتمكن من تصفح المواقع التي سيرفراتها في بلدان أخرى مثل محرك البحث غوغل ومواقع مثل تويتر وفيسبوك ويوتيوب، أو الأصح أن نقول مواقع التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها، وهذه المواقع هي التي تشكل الثقل الأكبر في زيارات الإنترنت في المملكة، أضف إلى ذلك مواقع موسوعية مثل ويكيبيديا. قد يكون هذا الطرح وهو انقطاع الإنترنت مستبعد حالياً، كون الارتباط في الإنترنت وصل لمرحة النضوج بمرور السنوات عليه، ولكنه غير مستبعد خصوصاً وأننا عانينا في فترات سابقة من ضعف الاتصال بالإنترنت عند انقطاع أحد كيابل الارتباط البحري، وهذا الضعف يؤدي إلى عدم المقدرة على تصفح الإنترنت بالسرعة المناسبة، لذا من المفضل تدعيم قوة مواقع الإنترنت داخل الشبكة المحلية للإنترنت في المملكة. المواقع الحكومية لا توجد إحصائيات معلنة عن المواقع الحكومية التي تحتضنها مواقع استضافة وسيرفرات خارج المملكة، وفي الغالب تكون استضافة المواقع الحكومية داخل الدولة، وهذا يساهم في سرعة الوصول إلى المواقع أولاً، وثانياً الحفاظ على أمن المعلومات في تلك المواقع، وأن تكون السيرفرات التي تستضيف هذه المواقع تحت سيطرة وتحكم الجهة ذاتها وبذلك تستطيع إيقاف الموقع والتحكم بمصادرها، وفي ذات الوقت المقدرة على السيطرة على الموقع في حالة وجود اختراق أو انتهاك لأمن الموقع، وثالثاً عند انقطاع الارتباط بالإنترنت الكامل أو ضعف الاتصال بها فذلك لن يؤثر على جودة أداء المواقع الحكومية المستضافة داخلياً، ولن تتأثر الخدمات المقدمة للمواطنين وبذلك ستستمر التعاملات الحكومية الإلكترونية بالعمل. لعل من المهم أن يحدد برنامج التعاملات الحكومية الإلكترونية السعودية ضوابط لاستضافة المواقع الحكومية في المملكة بحيث يضمن عدم تأثر العمل على هذه المواقع عند حدوث أي كارثة تقنية، وهذا سيحافظ على عدم تعطل أداء الحكومة الإلكترونية تحت أي ظرف. المواقع التجارية عانت مؤخراً مواقع شركات تجارية سعودية من اختراقات تقنية أدت إلى تعطل مواقعها الإلكترونية لأسابيع، أو بالأحرى عدم المقدرة على التحكم في تلك المواقع، ولعل تعطل مواقع الشركات النفطية والبنوك السعودية سيؤثر على اقتصاد البلد، لذا من المهم أن تحدد هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات ضوابط وإجراءات وتنظيم يحدد نوعية استضافة تلك المواقع بحيث يضمن الحد الأدنى من أمن المعلومات حتى لا تصبح هذه المواقع عرضة لمجرمي الإنترنت. وأيضاً لابد من أن تحدد شركات القطاع الخاص والبنوك آليات تضمن عمل مواقعها وجودة خدماتها عند تعطل الإنترنت بشكل عام، أو ضعف الاتصال بها، ومن المهم التأكد بين فترة وأخرى من أنظمة الحماية الموجودة وذلك بمحاولة اختراق فعلي للمواقع ووضعها تحت ضغط عمل هائل، ولا ضرر في الاستعانة بجهات خارجية لمحاولة اختراق للمواقع. الصين وتجربة الشبكات الاجتماعية المحلية نجحت الصين والتي تفرض رقابة شديدة على مواقع الشبكات الاجتماعية من تقليد أفكار مواقع الشبكات الاجتماعية والخروج بمواقع مشابهة إلى حد كبير للأصل الغربي، وتخدم الهوية الصينية، ربما يكون ضخامة السوق الصيني والذي يصل عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية فيها إلى أكثر من 300 مليون وهذا الرقم الكبير عنصر مهم في نجاح أي سوق محلي، لذا نجحت الصين في تقليد أصول غربية فكان موقع "youku.com" وهو التقليد الصيني لموقع يوتيوب، وموقع renren وهو شبيه لموقع تويتر، وموقع weibo وهو النسخة الصينية من موقع تويتر، ولم يسلم فيسبوك أيضاً من التقليد فكان موقع kaixin001 وموقع "www.51.com"، وهذا ساهم بشكل فعال في حفظ التوازن داخل السوق والخروج بمحتوى يحافظ على الثقافة المحلية ويساهم في خلق بيئة إنترنت متكاملة داخل مجال الإنترنت الصيني، وحتى لو انقطع الاتصال مع الإنترنت، أو حجبت مواقع غربية فلن يتأثر السوق المحلي بشيء. أين البديل المحلي؟ نجحت تجارب عديدة في السوق المحلي من الاستفادة من مواقع الشبكات الاجتماعية في إنشاء مواقع مساندة لهذه الشبكات، ولكن ليس الهدف فقط أن يكون هناك مواقع مساندة، وإنما إيجاد بديل محلي قادر على الصمود أمام كل التحديات، فليس عيباً أن تقلد المواقع العالمية، وإنما من المفترض أن يكون هناك بديل قادر على الصمود أمام طوفان المواقع الغربية، وفي ذات الوقت يوفر المدى المناسب من المصداقية والحرية التي يطلبها الجيل الجديد الذي وجد متنفساً في هذه المواقع. من المهم أيضاً إيجاد بديل محلي ليس فقط لمواقع الشبكات الاجتماعية وإنما لغيرها من المواقع الخدمية التي لا يستغني عنها متصفح الإنترنت في المملكة، تضمن في حالة تعطل الارتباط بالإنترنت أو ضعف الاتصال بها أن لا يتأثر الاستخدام المحلي، أيضاً تضمن سرعة حصول المواطن على ما يريده من الإنترنت في مثل هذه الظروف. أضف إلى ذلك ضرورة توفر محرك بحث محلي تكون استضافته داخل الدولة يستطيع متصفح الإنترنت السعودي عن طريقة الحصول على مواقع الجهات المحلية الحكومية والتجارية على حد سواء بسرعة وسهولة، ولا يتعطل هذا المحرك عند تأثر الاتصال بشبكة الإنترنت العالمية، وليس من المفترض تطوير موقع مستقل، وإنما من الممكن توفير استضافة محلية لأحد مواقع البحث الشهيرة مثل غوغل أو ياهو أو بنق، وهذا معمول به ومطبق، فمحرك البحث غوغل له آلاف السيرفرات الموزعة بين الكثير من مراكز المعلومات حول العالم. وهذا الحديث ينطبق على خدمة البريد الإلكتروني، وغيرها من الخدمات التي لا يستغني عنها مستخدم الإنترنت في المملكة. البديل المحلي والاستثمار إقبال السعوديين على خدمات الإنترنت المتنوعة وخصوصاً مواقع الشبكات الاجتماعية في الوقت الراهن حمل الكثير من الشركات المحلية في ضخ جزء من عائداتها على حملات إعلانية عن طريق مواقع الإنترنت الكبيرة والشبكات الاجتماعية، ولعل وجود بديل محلي مناسب سيساهم في إعادة ضخ هذه الأموال داخل البلد واستفادة السوق السعودي منها، وسيكون لهذا أثر إيجابي في الحفاظ على رؤوس الأموال داخل البلد. أضف إلى ذلك خلق فرص عمل جديدة للشباب السعودي في مجالات متنوعة مثل تصميم المواقع، والبرمجة، وصيانة ومتابعة المواقع، والتسويق، والدعاية والإعلان.