يشكل موضوع تكوين الأئمة العاملين في المساجد الفرنسية أحد المواضيع الرئيسية التي ستنكب عليها وزارتا التربية والتعليم العالي والداخلية .. وقد علمت «الرياض» من مصادر مطلعة في الوزارتين ان المشاورات التي سيجريها المسؤولون عن هذا الملف في الوزارتين ستتعلق أساساً بتحديد الجامعات التي ستتولى ابتداء من السنة القادمة المساهمة في تمكين الأئمة المبتدئين من دروس في القانون والعلوم الاجتماعية وغيرها من العلوم الإنسانية. والملاحظ ان مجلس الديانة الإسلامية قد تطرق هو الاخر أمس الاثنين إلى موضوع تكوين الأئمة في الاجتماع الذي عقده في العاصمة الفرنسية. وقد فاجأ دومينيك دوفيلبان وزير الداخلية الفرنسي قبل أيام أولئك الذين ليست لديهم خلفية كافية عن أوضاع المسلمين في فرنسا عندما أكد ان ثلث أئمة المساجد الموجودة في فرنسا لا يتقنون اللغة الفرنسية وان السنة القادمة ستشهد دورات تدريبية مكثفة يتلقى خلالها الأئمة المبتدئون أو حتى غير المبتدئين الموجودون في فرنسا دروساً حول القوانين الفرنسية. وتنطلق السلطات الفرنسية من وراء المشروع الذي تعده اليوم فيما يخص شؤون المسلمين الدينية من استراتيجية متكاملة تهدف إلى اقامة علاقة طبيعية بين الدولة الفرنسية من جهة والديانة الإسلامية من جهة أخرى مثلما هو الشأن بالنسبة إلى الديانات الأخرى. وترى السلطات الفرنسية ان تطبيع العلاقات بين الطرفين يمر عبر اجراءات كثيرة منها الحرص على تكوين أئمة اكفاء وقادرين على القيام بمهامهم في ظروف حسنة. شروط الإمامة وصحيح ان من مواصفات الإمام الجاد والمحترم من قبل الجميع ان يكون طليق اللسان وقادراً على التعامل ببساطة وبدقة مع اللغة التي يتخاطب من خلالها مع الناس لاسيما خلال أوقات الصلاة. ومن الضروري إذن ان يجيد الأئمة في فرنسا الفرنسية لاسيما إذا كنا نعلم أن غالبية المسلمين الشبان المنتمين إلى الجالية الإسلامية أو من أبناء مسلمي البلاد الأصليين لا يتقنون اللغة العربية. أما بخصوص الثقافة القانونية التي يسعى وزير الداخلية الفرنسي إلى ان تكون جزءاً من زاد الإمام في البلاد فهي مسألة تبدو أساسية في مسار الإمامة منذ فجر الإسلام، فمن مهارات الإمام الوظيفية فهم أحوال أهل زمانه ومعضلاتهم حتى يتمكن من تناول الجوانب ذات الصلة بأهل زمانه ومكانه اثناء النصح وتوجيه الإرشاد. تجدر الاشارة إلى ان جمعية الأئمة في هولندا ألحت من جديد في الأسابيع الأخيرة على ان من مواصفات الإمام في البلدان الغربية الحصول على نبذة كافية من العلوم الفقهية والوضعية ومنها القانون وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم الأخرى التي تساعد على تكوين زاد معرفي يسمح للإمام بأن يكون بحق مرشداً لا في أمور الدين فحسب بل أيضاً في أمور المسلمين اليومية غير الدينية. وثمة اليوم رأي عند عدد من المهتمين بشؤون الإسلام في الغرب مفاده ان المنهجية الفرنسية الجديدة الرامية إلى إقامة علاقة بين الديانة الإسلامية من جهة ومبادئ العلمانية، من جهة أخرى منهجية سليمة لا بالنسبة إلى مسلمي فرنسا فحسب بل بالنسبة أيضاً إلى صورة الإسلام والمسلمين في العالم.