نشرت المجلة الفرنسية الساخرة (شارلي إبدو) رسوم كاريكاتير للنبي محمد امس الأربعاء وهو القرار الذي انتقدته الحكومة الفرنسية ودفعها لارسال شرطة مكافحة الشعب لحماية مكاتب المجلة. ويأتي نشر الرسومات وسط موجة غضب عارمة اشعلها فيلم مسيء للاسلام عرض على شبكة الانترنت. وبعد إعلان عزمها نشر الرسوم المسيئة لم يعد الموقع الإلكتروني للمجلة متاحا صباح الأربعاء. وكانت مكاتب الصحيفة (شارلي إبدو) في باريس تعرضت لهجوم بقنبلة حارقة في نوفمبر تشرين الثاني بعد ان نشرت رسما كاريكاتيريا ساخرا للنبي محمد. وفي عام 2005 فجرت رسوم كاريكاتيرية دنمركية للنبي موجة من الاحتجاجات في أنحاء العالم الإسلامي قتل فيها ما لا يقل عن 50 شخصا. ولم يتضح بعد ما إذا كان إسلاميون قاموا بتعطيل الموقع أم أنه أصبح غير متاح بسبب أعمال صيانة. ولم تعلق إدارة المجلة حتى الآن على الحدث. وقال ستيفان تشاربونييه رئيس تحرير المجلة أمس في تصريحات لقناة (أي تيلي) التليفزيونية إن الرسوم الكاريكاتورية والتي من المقرر نشرها( الأربعاء) "ستسبب صدمة لمن يريدوا أن يصدموا" مضيفاً أن هذا القرار يهدف إلى الدفاع عن حرية الصحافة. وأعرب رئيس المجلس الفرنسي للعقيدة الاسلامية محمد موسوي عن "ذعره الشديد" بسبب الصور المسيئة (التي تعتزم المجلة نشرها). وقال المجلس إنه يحترم حرية الصحافة لكن نشر المزيد من الصور المسيئة للنبي محمد "في سياق متوتر للغاية أمر غير مسئول". واعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في تصريح لاذاعة فرانس انفو الاربعاء ان فرنسا اتخذت "احتياطات امنية خاصة" لحماية سفاراتها في العالم بعد نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد في مجلة فرنسية ساخرة. وقال فابيوس "ارسلت تعليمات لاتخاذ احتياطات امنية خاصة في كل البلدان التي يمكن ان تحصل فيها مشاكل". طالب هندي مسلم يضرب دمية مشتعلة تمثل الرئيس الأمريكي خلال احتجاج ضد الفيلم المشبوه في كلكتا (أ.ف.ب) واعتبر فابيوس ان نشر مجلة شارلي ايبدو الاسبوعية الساخرة رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد في "الوضع الراهن" يصب "الزيت على النار". واضاف "في فرنسا، المبدأ هو حرية التعبير ويجب عدم المس به. ونظرا الى الوضع الآن وهذا الفيلم السخيف، وشريط الفيديو العبثي الذي تم بثه، ثمة غضب في كثير من البلدان الاسلامية. هل من الملائم صب الزيت على النار؟ الجواب هو كلا". وقال فابيوس "من الضروري ايجاد توازن". وأضاف : "لا يمكن أن نقبل هذا الاستخدام السلبي لحرية التعبير أيا كان الوضع ، ويتعين علينا أن نقول كما يقول دين الإسلام إن كل هذه المسائل لا تحل بالهجوم العنيف كما حدث في ليبيا". واعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الاربعاء ان جميع السفارات والقنصليات والمدارس الفرنسية ستغلق الجمعة في حوالى 20 بلدا كاجراء "احترازي" اثر نشر الرسوم المسيئة . وقال مسؤول في الوزارة لوكالة فرانس برس انه "في اجراء احترازي سيتم اغلاق السفارات والقنصليات والمراكز الثقافية والمدارس في حوالى 20 بلدا في المنطقة"، مشيرا في الوقت نفسه الى انه "ليس هناك اي خطر مؤكد على اي" من المصالح الفرنسية في هذه الدول. كما اعلن رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك آيرولت الاربعاء انه سيتم حظر تظاهرة دعي اليها السبت المقبل في باريس احتجاجا على الفيلم المسيء للاسلام، مذكرا من صدمهم نشر الرسوم المسيئة ان بامكانهم اللجوء للقضاء. وقال آيرولت متحدثا لاذاعة ار تي ال انه "تم تقديم تصريح عن تظاهرة، وهذا التصريح سيصدر بشأنه حظر"، موضحا انه "لا داعي لاستقدام نزاعات لا تعني فرنسا الى اراضينا". وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي دعوة للتظاهر السبت ضد فيلم "براءة المسلمين" المسيء للاسلام، . واضاف رئيس الوزراء "نحن في جمهورية لا تقبل بتاتا اي ترهيب من اي كان في ما يتعلق بقيمها". وتابع "لن نتسامح مع اي تجاوزات"، مشيدا ب"روح المسؤولية والاعتدال الكبيرين التي يتحلى بها" مسؤولو الديانة الاسلامية في فرنسا. وردا على سؤال عن الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها مجلة شارلي ايبدو الاربعاء قال آيرولت "نحن في بلد حيث حرية التعبير محفوظة وحرية رسم الكاريكاتور ايضا". واضاف "على كل فرد ان يمارس هذه الحرية ويحترمها"، ولكن "اذا شعر اناس حقا بانه اسيء اليهم في قناعاتهم ويعتقدون فعلا حصول تجاوز للقانون --نحن في دولة قانون ودولة القانون هذه يجب ان تحترم-- فبامكانهم اللجوء الى المحاكم. لقد سبق وان حصل هذا الامر مع هذه المجلة". واكد آيرولت انه "يعود الى القيمين على هذه الصحيفة ان يقرروا ما الذي ينبغي القيام به او عدم القيام به". واضاف انه "يفهم" ان البعض قد تكون "مشاعرهم جرحت. ولكن نحن في دولة علمانية، دولة جمهورية". الى ذلك قالت الحكومة الأمريكية امس إنها أغلقت بشكل مؤقت بعثتها في ميدان ، ثالث أكبر مدينة في إندونيسيا بسبب تواصل الاحتجاجات حول الفيلم المسئ للبني محمد. وقالت السفارة الأمريكية في رسالة أمنية لمواطنيها :" أغلقت بعثتها في ميدان بشكل مؤقت بانتظار انتهاء المظاهرات المزمع تنظيمها اليوم 19 أيلول/سبتمبر " . وأضافت أن السفارة في جاكرتا والقنصلية في سورابايا ثاني أكبر مدينة اندونيسية مازالتا مفتوحتين . كان المتظاهرون ألقوا الحجارة والقنابل الحارقة على السفارة الاثنين في أول مظاهرة عنيفة في اندونيسيا منذ بدء الجدل الأسبوع الماضي حول الفيلم الذي يسخر من نبي الإسلامي محمد. وحث مجلس العلماء المسلمين الاندونيسي المتظاهرين امس على عدم اللجوء إلى "الأعمال الفوضوية ". وقال محي الدين جنيدي رئيس الشئون الخارجية بالمجلس :" العنف والدمار يخالفان العقيدة الإسلامية ". ووصف الرئيس سوسيلو بامبانج يودهويونو الفيلم بانه " يزدري الإسلام " ودعا إلى وضع قواعد لتحريم الاساءة للاديان . كما ادت الرسوم الجديدة الى قرار الحكومة الألمانية مواصلة إغلاق سفاراتها في العاصمة السودانية الخرطوم تحسبا لأعمال عنف جديدة. وقال وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله امس في برلين إنه تم تشديد الإجراءات الأمنية في مقار دبلوماسية ألمانية أخرى في الخارج. وفي الوقت نفسه ناشد فيسترفيله مراعاة المشاعر الدينية في العالم الإسلامي، وقال: "أدعو الجميع، وأيضا الذين يستندون إلى الحق في حرية التعبير عن الرأي، إلى التصرف بمسؤولية أيضا"، مطالبا بعدم "سكب الزيت على النار".