مع الاتجاه الكبير نحو الاستثمار في الأسهم ودخول شرائح مختلفة من المجتمع إلى سوق الأسهم فإن كثيراً من منتديات الانترنت والمجالس العامة تتداول ما يطلق عليه مجازاً لدى المتعاملين بقائمة «الأسهم النقية» . وتشمل هذه القائمة المتداولة حوالي العشرين شركة حيث يرى المتعاملون في هذه القائمة أن عمليات تلك الشركات بشكل عام متوافقة مع الأحكام الشرعية، وبشكل خاص فإن هذه الشركات لا تتعامل بالربا. والواقع أن هذا الموضوع يحتل اهتماماً كبيراً لدى المتعاملين في الأسهم حيث يتم السؤال دائماً عن المعايير التي تمييز تلك الأسهم بالنقاوة عن غيرها، ومن هذا المنطلق فقد أشار علي الأخ الدكتورعبدالله السيف (جامعة الملك سعود) بالكتابة عن هذا الموضوع . وعلى الرغم من عدم معرفتي بالأسس الشرعية التي على أساسها وضعت هذه القائمة، إلا أن الإفصاح المالي يحتم علينا مناقشة الأسس الشرعية لتلك القائمة حتى يتبصر المستثمرون وتدرك إدارة الشركات علة التحريم فيتم تفاديها. فالكل يعلم أن الإفصاح عن المعلومات الملائمة يعتبر من أساسيات الاستثمار في أسواق المال. وبالطبع فإن المعلومات الملائمة يجب أن تشمل الجانب الشرعي لنشاط الشركات وتعاملاتها . فعلى سبيل فإن أحد المعايير الاجتهادية التي يتداولها الناس «أن لا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم نسبة 5 ٪ من أجمال إيرادات الشركة». والسؤال هنا على أي أساس تم التحديد ب 5 ٪ ؟ فهل هو الأهمية النسبية محاسبياً أم هو الورع الشرعي ؟ إننا نعلم أن القول بحرمة التعامل في شركة معينة ليس بالأمر الهين، فتعقد وتداخل كثير من أنشطة الشركات أصبح من الصعوبة بمكان على المحاسبين المتمرسين لمعرفة مكونات الدخل ومصادره فما بالك بغير المتخصصين الذين يعتمدون على الأرقام المدرجة بالقوائم المالية، وهي أرقام تحمل إجماليات تحتاج إلى تفصيل وإيضاح، وتحمل تقديرات تحتاج إلى استدراك وإفصاح. ومع احترامنا الكامل للاجتهادات الفردية التي صدرت حول الموضوع، إلا أن التوسع في الشركات المساهمة خلال السنوات القادمة يتطلب أن تكون النظرة الشرعية للتحريم من عدمه ذات طابع مؤسسي يأخذ بالاعتبار الجوانب المحاسبية والاقتصادية، وبالتالي فإنه من الواجب على الشركات المساهمة القيام بدعم الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين لدراسة الجوانب المالية والشرعية للموضوع، ومن ثم إصدار معيار أو رأي محاسبي يتعلق بالإفصاح الشرعي عن الأنشطة ذات الطابع المختلف فيها شرعياً، ومدى مساهمتها في الإيراد الإجمالي للشركة. إن مثل هذا المعيار سوف يوفر أرضية مناسبة لعلماء الفقه لتكوين رأي واضح مبني على الوضع الاقتصادي والمالي للشركات، وفي نفس الوقت سيوفر للمستثمرين وللشركات على حد سواء مرجعية مالية وفقهية يتم الرجوع إليها. ٭ قسم المحاسبة - جامعة الملك سعود