أصبحت الشهرة هاجساً يؤرق الكثيرين ممن أصيبوا بجنونها، وبات للولع بها دور كبير في رسم هالة عظيمة انجذب إليها العديد، فاحترقوا بنورها، تماماً كما هو حال الفراشات التي تحوم حول النار، وما تلبث أن تحترق بها، وتختفي، إذا لم تقتصر الشهرة على فئة معينة أو مجال محدد، ولم تعدّ حكرا على مجتمعات بعينها، بل صار الكل يلهث وراءها ليصل إلى أعلى مراتب "المؤثرين في مجتمعاتهم"، ولهذا يجري البعض خلف تصدر قوائم المشاهير على شبكات التواصل الإجتماعية "فيس بوك" و"تويتر" و"ماي سبيس"، وبذلك أكّدت المواقع الإجتماعية -منذ إنشائها- على أنّ "التكنولوجيا" سلاح ذو حدين، رغم العديد من الفرص والخدمات التي تقدمها، ففي تلك المواقع انتشر شكل من أشكال الجنون الحديثة التي عشقها هواتها لدرجة رهيبة من حب الظهور اللافت، وأياً كان السلوك الذي يهدف إلى الرغبة في الشهرة فهو يعبر عن مشكلة نفسية أو اجتماعية يعيشها هؤلاء الأشخاص. عزلة وانطواء وذكر "عمر العبدلي" -(35) عاماً- أنّ هناك العديد من التأثيرات السلبية التي تنتج عن إدمان المواقع الإجتماعية، خصوصاً البحث عن الشهرة، لاسيما العوارض النفسية للمستخدم، والعزلة التي يعيشها من انطوى على الشبكة العنكبوتية، لينشىء موقعاً يشتهر من خلاله بين المجتمعات، مضيفاً: "لي مدونتي الخاصة على الشبكة العنكبوتية، إلاّ أنني لا أسعى إلى الشهرة بقدر ما أجده من فائدة شخصية"، مشيراً إلى أنّ من سمات المواقع الإجتماعية أنّها تشجع المستخدم على نقل ووضع معلومات عن حياته، وذلك من خلال وضع صورة له واسمه الحقيقي، وقائمة بأصدقائه، والنشاطات التي يشارك بها في وقت فراغه، لكي يتحدث بصوت عال عن كل ما يدور بذهنه، موضحاً أنّ الخطر يكمن للمستخدم في هذه المعلومات التي يدلي بها عبر شبكات التواصل الإجتماعي، حيث أنّها تستغل ويستفيد منها أشخاص آخرون يضرون به. التسلح بالوعي والحكمة ورأت "فوزية الزقدي"-(30) عاماً- أنّ كثيرين ممن يجتهدون للحصول على شهرة الإنترنت يعانون من عزلة اجتماعية تفوق العادة، ولذلك كانت ردة فعلهم إحداث مدونات أو مواقع تتحدث عن حياتهم ومنجزاتهم الشخصية، التي ربما قد تعود عليهم سلباً، مبينةً أنّه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي يحقق بعض الأشخاص الشهرة، وقد يكتسب آخرون سلوكيات غير حميدة، ويتصرفون بطرق مخالفة للعادات في بعض الأحيان، مضيفةً: "يجب على من يبحث عن الشهرة عبر هذه الشبكة العنكبوتية التي أتاحت الفرصة للجميع بصرف النظر عن الأعمار والفئات أن يتسلح بالوعي والحكمة في التعامل، خاصةً بعد الإنتشار المرعب لهذه الشبكات بين مستخدمي الإنترنت". الخروج عن المألوف ومخالفة قيم المجتمع محاولة لإرضاء الذات و«حب الظهور» إهدار للوقت وأوضحت "مها الجار الله" -(29) عاماً- أنّ تحقيق الشهرة على الشبكة العنكبوتية من خلال "فيس بوك" أو "تويتر" أو "ماي سبيس" يتطلب وقتاً وجهداً لا فائدة منه، مضيفةً: نعم، أسعى لتحقيق شهرة، ولكن ليس بالعشق والتنافس الجنوني كما يحدث للبعض، إذ إنّ استخدام الشبكة ولوقت طويل يعتبر إهداراً لذلك الوقت، وفيه انشغال عن أمور أساسية أهم من تحقيق الشهرة"، متسائلةً عما ينتجه من حقق شهرته على مثل تلك المواقع؟. أخلاقيات المواقع وبيّن "محمد الزايد" -(26) عاماً- أنّ هناك ولعا بالشهرة قد يصل لدرجة الهوس الذي أوقع بكثيرين في شباك المشاكل المعقدة، موضحاً أنّه لا بأس بالبحث عن الشهرة، لكن أن تتبع الأخلاقيات المعروفة في المواقع، فهناك من يوقعه حب الظهور في التصادم مع الأصدقاء المضافين أو المتابعين، والإساءة للغير بقصد أو غير قصد، وقيادة حملة ضد آراء مجتمعه، والبعض من هؤلاء الباحثين عن الشهرة تم استدراجهم لأغراض ليست من أخلاقيات المجتمع. الاستعمال غير السليم وقالت "عايدة الأحمدي" -(38) عاماً-: "حب الشهرة والظهور والتباهي بذلك يكشفه الجانب المظلم للتعلق بالشبكات الاجتماعية بشكل عام، وعلى رأسها موقع (فيس بوك) و (تويتر) وهما الأكثر شهرة بين المواقع، وبعض المشتركين ومستخدمي مثل هذه المواقع يلجأون للكسب بشتى الطرق ولو على حساب غيرهم، فهم مغرمون بمواقع التواصل الاجتماعي من أجل هذا الكسب، وهناك خدمات جيدة وملائمة تناسب جميع الأذواق والأعمار يجب الأخذ بها وتطويرها، إلى جانب ضرورة أن لا يقودنا حبنا للشهرة على هذه المواقع أن لا نأخذ الحذر منها، والإبتعاد عن سلبيتها الناتجة عن الاستعمال غير السليم". إيجابيات الشهرة وأكّدت "ملاك الباحوث" -(23) عاماً- على أنّ تحقيق الشهرة له إيجابياته في المجتمع، سيما وإذا كان تحقيقها على المواقع المتناقلة عبر شبكات الإنترنت، مضيفةً: "أنا شخصياً أمتلك مواهب عديدة تجعلني أكثر ثقة بنفسي، ومواقع الإنترنت المستخدمة الآن تعتبر حقيبة معلومات شخصية متنقلة مع المستخدم، خصوصاً إذا ما صرّح باسمه الحقيقي وتحدث عن حياته وأعماله ومواهبه وقدراته في شتى المجالات، ومختلف العلوم والمعرفة بشرط أن يكون ملماً بها حتى لا يقع في مأزق عند سؤاله". شهرة مفيدة وأيدتها في الرأي "سحر العلي"- (36) عاماً- مشيرةً إلى أنّه يمكن استغلال مجموعات الحوار الموجودة على الموقع الخاص بها لتبادل الأفكار والخبرات مع أشخاص آخرين، وطرح أسئلة على مختصين والحصول على المساعدة منهم وجمع المعلومات، ومن هنا يمكنها كمشتركة إنشاء موقع خاص، ووضع كل ما يتعلق بها باسمها الصريح، وعملها، والمعلومات التي حصلت عليها، مبينةً أنّها بذلك تكون قد اكتسبت شهرة أقل ما فيها إفادة الآخرين من المعلومات. الميول للنرجسية وأوصت "نورة البقعاوي" -أخصائية تربوية بتعليم حائل للبنات- أن تتم دراسة الأمر بصورة أعمق؛ لأنّ المستقبل وفق قولها ليس مشجعاً تماماً، وأنّ الميول للنرجسية وهوس الشهرة المحموم لمستخدمي الشبكات الاجتماعية يمكن أن يعكس سلوكيات غير متحضرة بين أفراد المجتمع الواحد، مضيفةً: "نحن نعي أنّ للسيف حدين، كذلك الأمر بالنسبة لشبكة الإنترنت بما تحتضنه من مواقع، فلها وجهان هي أيضاً، والواجب علينا كمجتمع واع أن نأخذ الوجه السليم لها". البحث عن الشهرة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أصبح هماً لدى البعض البحث عن الشهرة حق مشروع ولكن بدون الإساءة للآخرين