تمثل التقنية في الوقت الحاضر عنصراً مهماً لدى الأغلبية من المجتمع، خاصةً بعد تنوع أجهزة الاتصال، وظهور المواقع الاجتماعية ك"تويتر" أو "الفيس بوك"، وكذلك بعض التطبيقات ك"الواتس آب"، التي يراها البعض وسائل ترفيهية تبعث على تبادل المعلومات والمعرفة، إلاّ أنها لا تخلو من وجود بعض الأخبار المكذوبة، والشائعات المغرضة، وكذلك "الخرافات"!. وعلى الرغم أن تطبيق "الواتس آب" حقق تفاعلاً كبيراً من جميع الفئات المجتمعية، خاصةً في تبادل التهاني والأفراح، إلاّ أن هناك من يرى أن التواصل الحقيقي هو باللقاء والحديث المباشر، وهو ما حصر المناسبات الهامة كالأعياد في الكتابة فقط، دون مشاعر أو أحاسيس تُغلفها لغة الجسد بالصوت والحركة تواصل تقني وانقطاع جسدي فضله البعض على اللقاءات الشخصية وتقاسيم الوجه، حتى "القهقة" والضحكات الجميلة التي كانت ترسم البهجة والفرح بين أفراد الأسرة أو الأصدقاء، استبدلت بأحرف جوفاء مكررة "هههههه" أو "خخخخخ"!. ويتفاعل شبّان وفتيات اليوم مع تطبيق "الواتس آب"، من خلال تبادل المقاطع والصور، وهو ما يساعد على انتشار بعض التصرفات السلبية، الأمر الذي يُحتم اقتراب الآباء من أبنائهم، وكذلك مراقبة أجهزتهم بين فترة وأخرى، حتى نضمن عدم تأثرهم بما يضرهم، خاصةً وأن الخبرة تنقصهم في مثل هذه الأمور. دون تكاليف وقال الشاب "محمد سلمان" -خريج جامعي-: إنه أفاد من تطبيق "الواتس آب" كثيراً، حيث بات يتواصل مع شريحة أكبر داخل منطقته وخارجها بأقل التكاليف، ودون التقيد بموعد زمني يفرضه الاتصال الهاتفي، مضيفاً أن المناسبات الاجتماعية زواج وخطوبة ونجاح وترقية ومأدبة، أصبحت محفوظة في جهازه، وكذلك الأخبار التي تهمه، لافتاً إلى أنه ومن خلال المجموعات يشارك أقرانه ذات الاهتمامات، ويتبادل الصور والمقاطع والصوتيات، ويتعارف على أصدقاء جدد، بل ويثري نفسه بتجارب وخبرات غيره، إلى جانب ما يعززه من رباط عائلي وأسري، فحتى الأزواج يتبادلون العبارات والجمل الأنيقة والجميلة. مشاعر كاذبة وأوضحت "سهام الجهني" -موظفة قطاع خاص- أن جميع المحيطين بها يستخدمون التطبيق كوسيلة ترفيهية، وبسببه لم يعد للكتاب وشبكة المعلومات حضور قوي كما كان سابقاً، مضيفةً أن "الواتس آب" أصبح أداة للتعارف السلبي، والمشاعر الكاذبة، إضافةً إلى التأثر بالإشاعات التي باتت تستهدف اللحمة الاجتماعية، من خلال تشويه الصور النقية لبعض الشخصيات، واختلاق الأكاذيب والقصص حولها، وتعزيزها بالصور والمقاطع المدبلجة والممنتجة، التي قد تنطلي على كثير ممن لا يعرفون مدى دقة واحترافية بعض المؤثرات المستخدمة في هذه الصناعة. حضور جسدي وشاركها "فيصل صالح" -موظف حكومي- نفس الرأي، مبدياً تذمره من كثرة الرسائل التي باتت تروج لأحاديث ضعيفة يتم تناقلها وقبولها، دون البحث في مدى مصداقيتها أو عرضها على طلبة العلم أو الباحثين المعروفين، مشدداً على أن الصمت تجاه مخاطر هذا التطبيق يهدد الأجيال، ويخلق جيلاً مشبعاً بالخرافة، معزولاً عن المعرفة، مناشداً المختصين في العلم الشرعي إثبات تواجدهم، ونشر النصائح التي تفيد المجتمع. وذكرت "أحلام عبدالله" -معلمة- أن "الواتس آب" قتل حرارة اللقاءات الاجتماعية، وباتت المجالس والاستراحات التي تلتقي خلالها الأسر أشبه بالعزاء!، فلا أصوات سوى نغمات الرسائل، مضيفةً أن محاولات كبيرات السن بالتوجيه والنصح والإرشاد لم تجد آذاناً صاغية، فالحضور جسدي فقط دون تفاعل مع المحيطين؛ مما دعا السيدات إلى تشكيل مجموعات محدودة للحديث فيما بينهن، وترك الفتيات وشأنهن، مؤكدةً على أن ذلك ينذر باتساع الفجوة بين الأجيال، مشيرة إلى أن الجهات التربوية ما زالت غير مؤثرة وأن دورها يخبو مع ضعف مواءمتها للتقنية. مقالب مصطنعة وأكدت "ريما محمد" -طالبة مرحلة ثانوية- على أن المجموعة التي كونتها مع رفيقات المدرسة تقتصر على الشماتة، أو ذكر مقالب مصطنعة، مضيفةً أن مساحة الفائدة من التطبيق لا تتجاوز (10%) على أقصى تقدير، وتقتصر في التذكير بالواجبات أو الدروس أو تبادل معلومات هامة. وأشار "مهند عبدالرحمن" -طالب جامعي- إلى أنه وزملاءه كونوا مكتبة من المشاهد الفكاهية التي صنعوها بأنفسهم، أو التقطوها بعفوية، أو حرروها بطريقتهم وأسلوبهم، وأنهم يمررونها على عشرات المجموعات والأجهزة؛ بهدف خلق جو من المتعة والبروز، وكذلك الظهور أمام المجتمع بطريقة سريعة، مشدداً على أن البرنامج يمكن الإفادة منه متى ما وجدت الإرادة الحقيقية، وهي غير موجودة على حد وصفه، فزملاؤه مشغولون عن متابعة الدرس بالبحث عن أسلوب لخلق مشهد مشاغب، أو الإيقاع بأحد الأصدقاء، أو تسجيل صوته، أو إخفاء "الكاميرا" ومحاولة استثارته حتى يخرج عن طبيعته، ومن ثم التشهير به!. اختصار الوقت وقال "خالد محمد" -رجل أعمال-: إن التطبيق أعاد وشائج الصلات المقطوعة، وإنه شخصياً مد حبال الود، وتمكن من التعرف على أحوال وظروف أقاربه، فوصل المريض منهم، وساعد المحتاج، مضيفاً أن تطبيق "الواتس آب" اختصر الوقت بتمرير رسائل السلام والتهنئة أو التعزية، فشارك المحيطين به مناسباتهم، وأشعرهم بحبه لهم، وأن مسؤولياته الكثيرة لن تأخذه بعيداً، فهو قريب جداًّ منهم، ويعيش واقعهم بكل تفاصيله، مؤكداً على أن هذا الجانب الإيجابي لا ينفي وجود السلبية، التي تتطلب متابعة الأبناء، فالغفلة عنهم قد تجعل منهم فريسة سهلة لغيرهم. احتواء الشباب وأشار "خالد" إلى أن أحد رفاقه صدم بالكم الهائل من المفسدات في جهاز ابنه، والعبارات النابية والأسلوب السلبي الذي يخاطب فيه أصدقائه, مما دعاه إلى استشارة أحد الأخصائيين النفسيين لإعادة تقويم سلوكه،, لافتاً إلى أن بعض الشباب وجدوا في هذه التقنية طريقاً سهلاً لوصولهم إلى الفئات والشرائح التي لا تتمتع بحصانة كافية واستمالتهم إليها، داعيا التربويين والاجتماعيين من الجنسين إلى إعانة الآباء والأمهات، وبذل قصارى جهدهم لاحتواء الشباب والفتيات، والأخذ بيدهم بعيداً عن المنزلقات الخطرة، حتى يكونوا مواطنين صالحين يفخر بهم وطنهم وأسرهم.