ترجع بواكير نشر عواد تجاربه الشعرية الخلاقة إلى تحطيم الشكل الشعري بارتباطها بجدة المعنى الشعري، فهو نشر قصيدة" بريشة الفن-الليل" في كتابه"خواطر مصرحة"( الجزء الأول-1925)، وقصيدة"أيها الموت" من كتاب "تأملات في الأدب والحياة"(1954)، وقصيدة " أيها القلم، سليمى، على قواعد الفن، إليهن، من نافذة الخيال" التي كتبها بين عامي (1931-1935)، ونشرها في الجزء الثاني من كتابه "خواطر مصرحة" ( نشر لاحقاً مع الجزء الأول 1961) بالإضافة إلى نصوص أخرى ضمنها لأول مرة ديوان" رؤى أبولون- الشعر المنثور" (1957)، وقصيدتان في ديوانه الأخير"قمم الأولمب" (1976). ونلفت إلى أن معظم قصائد دواوينه الشعري لا تقف عند شكل واحد فهي متنوعة منذ البداية، ولكونه نشر دواوينه حسب سني عمره في كتابتها، فنشير إلى أنه نقف على أربع قصائد من شعر التفعيلة وضعها في ديوانه الأول" آماس وأطلاس"(1952) التي يؤرخ كتابتها بين عمر الحادية عشرة والعشرين أي بين1912 و1922 عاماً، وأتجاوز عن الكتيب الشعري الذي تضمن ملحمة " الساحر العظيم: يد الفنان تحطم الأصنام" (1953)، ففي الديوانين اللاحقين"البراعم أو بقايا الآماس" (1955)، و"نحو كيان جديد"(1955) تضمنا على قصيدة تفعيلة واحدة، وفي ديوان"في الأفق الملتهب" (1958) الذي كتبت قصائده بين عامي (1944-1957) وضع سبع قصائد من شعر التفعيلة. ولا بد من الإشارة إلى أنه ضمن سمتين اختص بهما الأولى "التجريبية الأجناسية"حين يجعل من قصيدةٍ مقدمةَ كتابٍ أو يضعها بين نصوص مقالية بعضها تقريري وتمثيلي كما في "خواطر مصرحة"(1925)، أو جمعه أكثر من بحر شعري ( مركب وصاف كالخفيف والمتقارب والسريع) في أكثر من شكل عامود ومشطر ومقطعي وتفعيلة في نص " دافق النور" ببراعة يعبر عن ذكرى إعلان "حقوق الإنسان" في باريس عام 1950 الذي وافق سنتها مولد النبي محمد كما في ديوان " في الأفق الملتهب" (1958)، وحين تكررت المناسبة بعد سنوات عام 1956 كتب قصيدة عن ذات الموضوعين المتوافقين بعنوان"أردلاف"، ونشرها في ديوانه الأخير"قمم الأولمب" (1976)، تكرر لديه استخدام البناء الوزني ذاته ولكن أعاد تشكيل النص بصرياً دون نسيان اعتماده على الأسلوب التمثيلي دامجاً الحالة الابتهالية والسردية فوضع بعض المقاطع بين تشكيل التفعيلة وبين تدوير العمودي فجعله كتلة واحدة توهم بنص سردي غير أن خاصية الدعاء تدفع إلى هذا الشكل الفريد الذي سبق مطولات شعرية أنجزها شعراء كبار لاحقاً مثل أدونيس وصلاح عبد الصبور وبدر شاكر السياب. وسأمثل على النص الأول باختيار أجزاء من كل مقطع هكذا: "1 دافق النور رحمة وسلاماً .. ومنمِّيه عزة ووئاماً فاعتنقناه يقظة وسمواً... وعلقناه حكمة ونظاماً.. 2 وقد نفذوا ما أراد القدر فكانوا بشاراته والنذر .. وكانت حياة وسادت أمم بتحرير عقل وتطهير قلب واستمرأ العالم معنى الوجود. 3 ثم هذا .. وقد أفاق بنو الأرض من السكر حين عافوا الخمارا ولسرعان ما يفيق السكارى ولسرعان ما يثوب الحيارى وإذا العزم في المفاصل ثار قلب الليل في الأنام نهاراً .. .. ملائكة في شكول البشر أجل تم هذا..وسار النهر معيناً زلالاً يطوف البلاد فيروي النفوس ويحيي المواب واستمرأ العالم معنى الوجود.."(العواد،2011، 256-257 ) وأما من النص الثاني فبنفس الطريقة سأمثل عليه هكذا: " 1 رب لبيك لا نظير لنعمى من أياديك في الدنا نثرتها ليس ما تشرك النفوس سقاها بك إلا لشقوة فتنتها فلك النعمة التي تتجلى كل يوم لأعين أبصرتها.. 2 وكل الوجود وكل البشر كذلك تقول السور وهذه الحياة وما تضطرب لك الابتداء لك المنقلب يا خالق الخلق وما قد خلق.. 3 لبِّ، يا قلب، بالمعاني والألفاظ، في كل مشعر، وفلاة في الصفا وفي الحطيم جنبات الملتقى في منى وفر عرفات في المواقيت كلها وعلى الدرب منيراً مستيقظ اللفتات وابتهل حيث كنت زلفى إلى الله الرفيع الذرى العظيم الهبات فإذا ما انغمست يا قلب في النور فلا تنس عابري الرطقات والمساكين واليتامى واِباه اليتامى على طريق الحياة.." (العواد، 2011، 465-366) وأشير إلى السمة الثانية العنونة الغرائبية، تتجلى في عناوين النصوص الشعرية، ونمثل عليها من خلال جولة تبصر مثل " بقاع الجزيرة العربية من أغادير للربى اللؤلؤية" في ديوان "قمم الأولمب" (1976)، و"كل شيء أو فتون، ذكرى أو في أعقاب الهوى" في ديوان "رؤى أبولون" (1958)، و" الوصايا العشر عند بعض الناس، النبي في شعور الدهر" في ديوان "في الأفق الملتهب" (1958)،و " إلى أستاذ بعد عملية جراحية، بين مجد الطيران ومجد الأدب، إلى صديق يمارس النقد، جماعة ضد فرد، عالم فيه نشيد اليتيم، هؤلاء أو حرب الحشرات، حياة روائية، في بيتها وعلى قبرها، الروض الضائع بإزاء روضتي، الشعر الذي لم أنظمه" في ديوان "نحو كيان جديد"(1955)، ومن نصوصه الأخيرة خارج ما أدرجه في دواوينه الشعرية التي نشرها في الصحافة في عام وفاته 1980 نص بعنوان: "التساوي في الثقافات بين الجنسين. التساوي في تبادل المعرفة..وأسطورة الشمس والسها"(قدس،2007، 56)