(1) يقول ارسطو: «تزوج فإما يرزقك الله بزوجة صالحة تسعدك وإما يرزقك بزوجة سيئة فتصبح فيلسوفاً» وهذا ما يحدث لك حين ترتبط بعمل ما اذا اعتبرنا العمل هو القرين! هذه الرداءة والسوء تظهر بصور مختلفة لا تنتهي من موقف حتى يواجهك آخر (كلما قلت هانت جد علم جديد) وخاصة حين تجد حولك مسؤولاً او اكثر ممن يعملون في الخفاء.. لا يواجهونك ولا يصارحونك ولا يصدقونك يجيدون توزيع الدم بينهم ليضيع حقك فلا تدري من تطالب به وإلى من تشكو..!! يوماً ما قلت لبعض الصديقات انه لو قدر لي يوماً وكتبت مذكراتي لاعترفت فيها بأن اسوأ ما عملت في حياتي هو انني التحقت بوظيفة عامة الا انني اليوم اقول: الحمد لله انني فعلت ذلك وعملت في هذا المجال فلقد وجدتني امتلئ بالحكايات والقصص العجيبة.. سأضمن هذه المذكرات فصولاً عديدة يخطر في ذهني الآن لها بعض العناوين: الف صفعة وصفعة - عاقل بين المجانين - الثعلب فات - كلام الليل يمحوه النهار - للصبر حدود (اللي تكسبه العبّه)- بأي ذنب قتلت.. إلخ. (2) لابد لنا من الاعتراف بأن من الأسباب الرئيسية لتخلفنا وعدم تقدم الكثير من المجالات لدينا هو غياب الموضوعية وعدم المصداقية والاعتماد الأساسي على المعايير الشخصية في ادارة اعمالنا، يحدث ذلك من البعض ان لم يكن الأغلبية الساحقة في مجتمعنا.. حيث يعتمدون على المعايير الشخصية في اختيار المسؤولين عن ادارات عادية او حساسة، في التخطيط وفي التنظيم. بناء على المعايير الشخصية فقط يحددون من يرأس اللجان المتعددة ومن يتبوأ المناصب.. وحين يأتي النظام يطبقونه فقط على ذلك الشخص الذي لا يعرفون ومن لا سند له الا رب العالمين.. اما الآخرون حين يصل اليهم النظام او يجدون انفسهم مدفوعين الى معاملتهم رسمياً يترددون كثيراً.. فهذا يعز علينا وذاك يعز على من يعز علينا وهذا مابين الفترة والأخرى نسهر معه في الاستراحة.. وهذا جار لأعمامنا وهذا زوج لابنة خالتنا وهلم جرا.. ولأجل هذه المفاضلات الشخصية الظاهرة والمبطنة يظلم البعض وتهضم حقوق آخرين.. نظراً لاختلاف معايير الأحكام. (3) الفشل.. الرداءة.. الفوضى.. هذا الثالوث هو النتيجة الحتمية لاعتماد المعايير الذاتية والمفاضلات الشخصية اسلوباً في ادارة العمل.. من مظاهر هذه الفوضى انشاء ادارة وإغلاقها خلال فترة قصيرة ربما في العام ذاته.. هذا يعني ان الإدارة انشئت منذ البدء لأسباب غير موضوعية او ربما انشئت لأسباب حقيقية موضوعية ولحاجة العمل.. ولكن لأجل تصفية الحسابات والثأر من البعض يتم اغلاق الإدارة بأكملها، ولعلك تجد امراً عجيباً فلكل مسؤول مطلق الحرية في افتتاح ادارة ما وإغلاقها ان شاء بأسرع وقت ممكن وكأنما يدير مباسط لبيع (البليلة) و(الفشار) وليس ادارات حكومية انشئت لأهداف معينة منذ البدء لخدمة العمل.. وإذا حدث يوماً وغضب احد المسؤولين على ادارة ما لأسباب جوهرية فلماذا لا يتم تغيير مدير او مديرة الإدارة وحسب؟! وليس اغلاق الإدارة بأكملها وإفساد كل ماتم بناؤه فهو بهذا العمل يهدر الكثير من المال العام الذي انفق على بناء وتجهيز هذه الإدارة المجني عليها. هذا ناهيك عن الخلل في بناء العمل اضافة الى الأثر النفسي على موظفي هذه الإدارة حيث يؤخذ الظالم مع المظلوم وتضيع اصوات الأبرياء.