في العامية المحلية السعودية، نقد للمتعجل. يسمونه (مسرع). يقولون: فلان مسرع، للدلالة على تعجّله، وأنه يبادر بإبداء آرائه، قبل أن يتبصر في الأمر. في علم أصول الفقه، وهو علم عقلي تماماً، أن "الحكم بالشيء فرع عن تصوره"، فمن لا يتصور الأمر بشكل عام، يخطئ في الحكم عليه. وقد وجدتُ كثيراً من المستعجلين، يطيرون بالمقال الصحافي، من عنوانه، وربما ما قرأوه إلا بما انقدح في أذهانهم من تصورات نمطية، صنعها العنوان، وما اعتقدوا أن فلاناً سيقوله، دون أن يمحصوا. آخرهم وليس الأخير، من تعامل مع مقالي قبل أيام المعنون ب"أنت بدوي؟!"، فظن أنني أنتقد البدو، وأقلل من قيمتهم، وما كلف نفسه أن يقرأ فيكتشف أنني أنقل في المقال، نقد الدكتور سعد الصويان، لمؤسس علم الاجتماع ابن خلدون، عندما اعتبر البداوة شراً محضاً! وعاتب الصويان ابن خلدون على حدته مع البداوة وتحميلها واهلها المساوئ ومُرجعا موقف ابن خلدون إلى معاناة منطقته من هجرة البدو آنذاك وتغلغلهما السيئ! قلت في مقالتي تلك: "إن من يقرأ التاريخ ويحلل الأوضاع العربية الحالية يكتشف أن المساوئ مشتركة، فكما أن البدو لديهم شيء من مثالب فلغيرهم مثلها"! وأرى كثيرا من الإخوان "طاروا بالعجة"، فكتبوا أنهم يعتزون ببداوتهم، ولا يعبأون بما يقوله تركي الدخيل! قلت: اعتزازكم ببداوتكم مصدر سرورنا، لكن من قال لكم إن العبد الفقير إلى الله، يقول عن البداوة ما لا يجعلكم تفتخرون بها! لا ارتباط للحسن والسيئ من حيث الجملة بصنف من الناس، سواءً أكانوا بدواً أو حضراً، من أهل هذا المكان أو ذاك. الأخطاء، ترتبط بالأشخاص، بمرتكبيها، أفراداً، لا بالأماكن والمجموعات والأديان، وإن كانت بعض المجموعات تحث على مسالك معينة، لكن الخطأ لا جنسية له، كما قد سبق وأكد كاتب هذه السطور. ثمة ملمح أخير، يحسن أن أنبه إليه، وهو أن أهل هذه البلاد، عندما يتعرضون للهجمات، من بعض إخوتنا العرب، فهم يضعونهم في سلة البداوة كلهم، دون أن يفرقوا بين حضري وبدوي، ابن مدينة أو ابن بادية. دمتم بخير!