يتسلم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير هذا الاسبوع الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي لمدة ستة اشهر آملا في الافادة من الازمة غير المسبوقة التي غرقت فيها الدول الخمس والعشرون لدفع خطة طموحة للاصلاحات. لكن المهمة تبدو صعبة امام توني بلير. فالتحديات التي سيواجهها ستكون كثيرة من اجل اعادة الحركة إلى عجلة المنظومة الاوروبية اثر المأزق الناجم عن الرفض المزدوج لمشروع الدستور الاوروبي في فرنسا وهولندا وفشل المفاوضات حول الميزانية المقبلة للاتحاد الاوروبي.فبعد مرور نصف قرن على وجوده دخل مشروع البناء الاوروبي مرحلة مصيرية تثير جدالات ومناقشات تتميز بحدتها ويقف حيالها اكثر المراقبين تجربة في حيرة. ورأى جون بالمر المسؤول في مركز الدراسات السياسية الاوروبية في بروكسل «لا يمكن تجاهل المرارة اثر فشل» قمة بروكسل في 17 حزيران - يونيو. فخلال يومين من المفاوضات غلبت عليها المصلحة الوطنية على الطموح الاوروبي، وضع قادة دول وحكومات الاتحاد الاوروبي مشروع الدستور المفترض ان يسمح لأوروبا موسعة بالعمل بدون معوقات، في مرحلة سبات. كذلك فشل القادة الاوروبيون في اعتماد ميزانية الاتحاد للفترة 2007-2013 خصوصا بسبب رفض بلير التخفيف من «الخفض» التي تحظى به المملكة المتحدة.لكن المحللين يلفتون إلى ان المأزق بشأن الموازنة سيعاد طرحه على بساط البحث. واشاروا إلى ان التوصل سريعا إلى اتفاق في المفاوضات كان سيشكل حدثاً غير مسبوق. وتجد الازمة منبعها في الدرجة الأولى في الفشل المزدوج في الاستفتاءين على الدستور، لاسيما في ما كشفاه من وجود تشكيك واسع في اوروبا وشرخ كبير بين قادة الدول الاوروبية وشعوبها. فرفض مشروع الدستور من قبل بلدين مؤسسين للاتحاد فتح الطريق امام جملة من الاسئلة حول جوهر المشروع الاوروبي، تتناول خصوصاً توسيع الاتحاد ليشمل تركيا او جمهوريات يوغوسلافية سابقة، ودور الاتحاد في العالم والعملة الموحدة. وفي هذا الظرف ارتأى توني بلير ان يطرح نفسه في موقع «الاوروبي المتحمس» الراغب في اخراج الاتحاد الاوروبي من الازمة ووضعه على سكة «التغيير» والاصلاح الاقتصادي، لدى عرضه في بروكسل اولويات الرئاسة البريطانية المقبلة للاتحاد ابتداء من الاول من تموز - يوليو. وفي بروكسل قال بلير الذي يعتبر مهندساً لاقتصاد سوق اقل قيوداً من النماذج القائمة في القارة القديمة، «ثمة فرصة وسط كل ازمة. ثمة فرصة لاوروبا حاليا اذا كانت لنا الشجاعة الكافية لانتهازها»، مؤكدا «ان التغيير وحده سيسمح لاوروبا باستعادة قوتها واهميتها ومثلها العليا وبالتالي دعم شعوبها لها». وحذر من «فشل استراتيجي واسع النطاق» في حال لم يتمكن الاتحاد الاوروبي من مواجهة بروز القوى الاقتصادية العملاقة الناشئة مثل الصين والهند.واكد مجددا دعمه لمواصلة توسيع الاتحاد.لكن لا يوجد مؤشرات ملحوظة تدل على ان دولاً مثل المانيا او فرنسا مستعدة لدعم خطواته في هاتين المسألتين.ورأى تشارلز غرانت من مركز الدراسات للاصلاح الاوروبي الذي يوجد مقره في لندن «ان نتيجة الاستفتاء الفرنسي تجعل تنفيذ إصلاحات اقتصادية وتوسيع الاتحاد في غاية الصعوبة». واضاف «ان الكثيرين سيعتبرون ال«لا» بمثابة تصويت على التحرير (الاقتصادي) وضد انضمام دول جديدة» إلى الاتحاد.