وصف المشاركون في ندوة(غزوة بدر.. تاريخ وعبر) في نادي المدينة الأدبي - مساء أول من أمس - على أهمية استلهام الدروس التي تبرزها غزوة بدر كونها تمثل موقعة مفصلية في تاريخ معارك المسلمين والمشركين والتي بينها تكريس مبدأ الشورى وكذلك استهداف القوة الاقتصادية للعدو، وأهمية التمسك بتوجيهات القيادة الحكيمة، وضرورة الاستخبارات على العدو لمعرفة قوته وأماكن ضعفه.. كما شهدت المحاضرة التي شارك فيها كل من رئيس النادي الدكتور عبدالله عبدالرحيم عسيلان وعضو هيئة التدريس بجامعة طيبة الدكتور سليمان الرحيلي وعضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية الدكتور محمد العواجي عدد من المداخلات التي أثرت النقاش حول كثير من مفاصل تلك الغزوة التاريخية.. حيث قدم د.العسيلان في ورقته بداية جملة من الإشارات التي تبرز الروح الجهادية التي تكمن وراء كل أخبار غزوة بدر والتي تجلت منذ اللحظات الأولى حيث راح النبي صلى الله عليه وسلم يستنهض همم المسلمين ويرغبهم في لقاء أعداء الله والعمل على نصرة دينه بما ينتظرهم من أجر عظيم مستشهدا بعدد من الروايات التي ذكرتها المصادر التاريخية. وأضاف عسيلان في الندوة التي أدارها الأستاذ محمد صالح البليهشي أنه تجلت عبر غزوة بدر التاريخية صورة جهادية إيمانية تؤكد سرعة التفاعل مع توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم كما يستوحي من تلك الروح المجاهدة كيف يهذب الإسلام الفطرة إلى ما من شأنه صلاحها وفلاحها كما تجلى عبر بدر حين سمى الإسلام بالفطرة عن محيط الأرض المحدود وعمر الدنيا القصير وزخارفها الزائلة إلى حيث النعيم المقيم والخلود في الجنة. أما الدكتور العواجي فأشار إلى أن ذكرى غزوة بدر تجعلنا نستلهم ماضي وتاريخ أمتنا المشرق في رمضان حيث دارت رحى هذه المعركة الفاصلة بين الحق والباطل في رمضان في السنة الثانية من الهجرة.. مذكرا بعدد من المعارك الإسلامية الفاصلة التي كانت في شهر رمضان مثل فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة وفتح الأندلس في 92ه ومعركة بلاط الشهداء سنة 114ه وكذلك فتح عمورية سنة 223ه ومعركة عين جالوت سنة 658 ومعركة شقحب سنة 702 وجمعيها كانت في رمشان حيث ينتهي العواجي إلى أن تلك المعارك الفاصلة وفق فيها المسلمون حيث حالة لجوء الناس إلى خالقهم والتضرع إليه التي تعد أحد عوامل النصر. كما كشف العواجي في ورقته عن أسباب وقوع المعركة.. مستعرضا تفاصيل الموقعة التاريخية، مشيرا إلى أنه حين سار النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر أرسل رجلين من أصحابه يتحسسان أخبار القافلة فرجعا ومعهما الأخبار بأنها ستقدم بدرا في يوم كذلك، وهو الأمر الذي قام به أبو سفيان كذلك حيث خرج بنفسه يتحسس أخبار النبي صلى الله عليه وسلم فعرف أنه قد خرج لاعتراض قافلته فجعل بدرا يساره ونجا بالقافلة، وأرسل إلى قريش يستنجدهم لحماية القافلة والتي شاط غضبها فخرجوا بحدهم وحديدهم لحماية قافلتهم ولأخذ ثار عمرو بن الحضري الذي قتله المسلمون في سرية نخلة. وقال الدكتور الرحيلي: إن غزوة بدر ترتب عليها دروس وعبر ومفاهيم ومعان سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية كثيرة تتضح بداية من خلال الوقوف على صعيدها حيث كل واد وشعب وجبل من المدينة إلى بدر شهد جزئية من أحداث تاريخ هذه المعركة ودروسها.. التي أورد من ضمنها أهمية الشورى في القرار، مشيرا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لجأ إليها في أوقات الحرب وهي الأخطر فما بالك بأهميتها في المجالات والأوقات والأحوال الأخرى، وقد أثنى المصطفى صلى الله عليه وسلم على من تكلموا بخير وقدموا آراء في غزوة بدر.. مستعرضا في حديثه أهمية الاستخبارات على العدو حيث أن معرفة العدو لأخبار عدوه عامل مهم في النيل من العدو وكسب المواقف وتقرير مصيرها وتتعدى هذه المواقف المجالات السياسية والعسكرية لتشمل الجوانب الاقتصادية.. مشيرا إلى أن الاهتمام بهذا الجانب يتجلى ذلك من خلال بعث النبي صلى الله عليه وسلم ومنذ وقت مبكر عدد من عيونه في المنطقة المحيطة بطريق تجارة قريش الرابحة. ومن أهم الدروس التربوية المستفادة من غزوة بدر أن الرسول القائد صلى الله عليه وسلم قد غرس في نفوس أصحابه الإسلام الحق ونشأت النفوس عليه فوعاه جيل وشب عليه آخر وارتضاه الجميع شيباً وشباباً.. وقد شهدت الندوة عدداً من المداخلات وأسئلة الحضور التي جاءت بين الاتفاق والاختلاف على ما قدمه محاضرو الأمسية حول غزوة بدر وما عرضوا له من استنتاجات كانت موضع نقاش من عدد من المؤرخين حضور الأمسة.