ثمة مصادفة جميلة هذه السنة.. هي في الواقع دورة زمنية تتكرر كل ثلاثة عقود أو تزيد.. بحيث نعيش بداية شهر رمضان المبارك.. وتوفر أو نزول أنواع الرطب في الأسواق.. ف(طباخ التمر وقدحة اللونه) قد بدأ في طبخ التمر (والناس أيضا) وثمة حقيقة أكاد أجزم بها وهي ان العرب هم أكثر الأمم حُباً واعتماداً على النخلة ومحصولها من الرطب والتمر في غذائهم اليومي.. مادعاني أن تكون سوانح اليوم والأسبوع القادم بإذن الله عن التمر.. الذي (نفك الريق عليه) مع أذان المغرب وصوت مدفع الإفطار في رمضان هذه الأيام.. علني أرسم ابتسامة رضا أو متعة وفائدة لمن يقرأني.. أثناء سردي لحديث من القلب عن غذاء يفيد المعدة والجسم.. وهناك مثلان أو مقولتان عن التمر.. الأولى تمتدح أهمية التمر وفائدته للجسم.. فيصفون التمر بأنه: مسامير الركب knee joints nails or nails of the knee joints وهو مثل يعرفه كبار السن جيداً.. وبالذات في نجد لارتباط الركب (وقوتها) بأي مجهود بدني يُراد بذله.. والمقولة الثانية (عند كبار السن أيضا) تقول إن التمر (ما يلحس) أي ان التمر لا يتأثر بأي شيء يتعرض له.. من حشرات وهوام تمر عليه أو تختلط به في النخلة أو بعد خرافه وتخزينه.. حتى ولو كانت تحمل وتبثُ السًمَ الزُعاف.. فلا يفسد التمر أو يتسمم.. كبقية أنواع الأغذية الأخرى.. ويحضرني أن أحد كبار السن ذهب لمصر.. فوجدهم يأكلون المش (بدوده) فتذكر أنه كان يأكل التمر وفيه (سرو يتحرك) والسرو دودة صغيرة ورفيعه رأيتها بالفعل منذ سنين طويلة.. تخرج من تمرة رديئة النوع كنت أريد أكلها.. بل أكلتها بالفعل بعد رمي (السرو) ونفخ مكانه من التمرة بفمي.. وإن كان السرو صغير الحجم اكتفينا بنفخه.. وأكثر أنواع التمر التي تُخبئ سرواً هي الصقعية.. فكم من تمرة صقعية أُكلت (بسروها) وما شفنا شر.. وأُشبه السرو بدودة (الأسكارس لمبريكويدس) ووجود (السرو) في التمر سيئ النوع (الحَشَف) كان يتناسب مع قلة ذات اليد عند الكثير من (الاولين) فيما مضى.. وتواضع المستوى المعيشي وتدني مستوى النظافة في مطابخ أيام زمان.. ماعلينا.. والحديث عن التمر وكبار السن ومن يسكنهم حب الماضي (مثلي) يقود للحديث عن مكان مهم في المنزل الطيني أيام زمان.. يُسمى (الجصة) حيث يتم تخزين التمر.. وهو مخزون استراتيجي.. لأن التمر هو الغذاء الأهم لسكان المنزل.. والجصة أيام زمان لا يمتلكها إلا من هو ميسور الحال وفي سعة من العيش.. فيتمكن بجانب التمر (من الجصة) من تأمين اللبن من شاة أو عنز (أكثر البيوت والعوائل) يتم تربيتها في حوش المنزل الطيني.. وزوجة الثري يكون لديهم في الحوش بقرة حلوب.. وقليلٌ ماهم آنذاك.. والتمر مع اللبن يعتبر غذاءً متكاملاً لأفراد العائلة كباراً وصغاراً.. وشهر رمضان مبارك على الجميع.. وكل عام وأنتم بخير.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. *مستشار الطب الوقائي في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية