سوريا بين الهم العربي وعدم الاهتمام الدولي دخلت مرحلة الموت المقنن من قبل قوات الأسد، ولعل شعوره بالنهايات غير السعيدة، أو الهزيمة المقبلة، أن يسعى لتوسيع المعركة وإطالتها.. فقد دخلت القوات السورية العديد من المرات الأراضي اللبنانية، وتحركت الأقلية العلوية في مناصرته والتخفيف عنه، ثم بالأمس الأول جرت مناوشات مع الجيش الأردني، وقد يحدث هذا مع العراق إذا ما قررت القبائل والمناصرين للثورة التحرك باتجاه سوريا ليفتح جيش الأسد معركة أخرى.. تركيا، ورغم وجود علويين مجاورين للحدود السورية ويتعاطفون مع النظام، إلا أن الموقف لا يتعدى المناصرة المعنوية، ولو بقدرة الأسد تحريكهم لصالحه لقام بهذا الدور، ثم إن أي صدام مع تركيا، سيعطي الأخيرة العذر بالقيام بعمليات عسكرية ولو محدودة، ومع فارق القوة، فإن الأسد قد ينجر لحماقة كهذه، لكن النتائج ستبقى معقدة وصعبة على مستقبله.. إسرائيل ظلت صامتة، وبلا حراك، وإن كانت تراقب وتدقق، لكن عندما أثير موضوع الأسلحة الكيماوية، والخشية من تسربها لحزب الله، أخذت الأمور بجدية، إلى حد التهديد بالتدخل العسكري، والحصار الذي يعيشه الأسد وشعوره أن المنافذ بدأت تنغلق، قد يورط سوريا بحرب مع إسرائيل، لكن الأخيرة لها حساباتها، أي أن ذلك يعطي ذرائع أنها دولة معتدية، استغلت الظروف وقامت بفعلها، لكن تجربتها مع احتلال بيروت، ثم حربها مع الجنوب لا بد أن تقلل حافز الدخول مع سوريا بحرب جديدة.. الموقف الدولي متراخ، وهناك من يرسم تقسيم سوريا بتوافق روسي، أمريكي، وإسرائيلي، لكن لو وجد مثل هذا السيناريو، فإن بيئة سوريا ستنقلب إلى بؤر كاملة للتطرف مما يعني التأثير على كل الدول المجاورة، وقد يكون المتضرر الأكبر إسرائيل ذاتها إذا ما تلاصقت مع القاعدة في سوريا، وحزب الله في لبنان وصارت قوى إقليمية تدفع بهذا الاتجاه إلى حدوده القصوى، وقد تصل الأضرار إلى تركيا ولبنان والأردن والعراق، وتصبح ورطة أمنية وسياسية.. الحلول الدولية غير واردة، لأن لعبة مجلس الأمن، وإن أعطت الأسد المساحات القصوى في قتل شعبه، فعملية ترحيل القضية إلى الأممالمتحدة حل جديد، أي أن المجتمع الدولي سيكون صاحب الصوت الأقوى، والذي لا يمكن أن يسمح باللعبة الدولية أن تدوم، إذا ما فرض قرار التدخل العسكري في حسم قضية انقاذ الشعب السوري، وقد تعارض روسيا ومعها بعض الدول، ويبقى موقف أوروبا وأمريكا مكشوفاً، فأما التصويت وكسب الرأي العام العالمي لإظهار روسيا الخصم، أو اتخاذ الحياد بعدم التصويت، وهذا ستراه الدول موقفاً متخاذلاً وغير منطقي، وفي كل الاحوال فسوريا على خط النار، وهي من تحسم كل الأمور..