استكمالاً للموضوع السابق الذي طرحته في الأسبوع الماضي والذي تحدثت فيه عن دور الإدارة العليا في عملية التخطيط الإستراتيجي ابتداء من تحديد مهمة المنشأة وأهدافها الرئيسية وانتهاء باختيار البدائل الإستراتيجية المثلى. اذاً تتحد وظيفة المدير الإستراتيجي باتخاذ قرارات فاعلة تعمل على تحقيق الاستخدام الأمثل لموارد المنشأة في ظل ظروف بيئتها المتغيرة عن طريق التخطيط الاستراتيجي السليم. ولو امعنا النظر قليلاً في مدى مساهمة الإدارات العليا في شركاتنا المحلية لعملية التخطيط تلك لوجدنا العديد من الملاحظات التي تشكل عاملاً مهما لنجاح تلك الخطط، فضلاً عن ضعف بعض المديرين التنفيذيين وقلة إلمامهم بعملية التخطيط، وتتمخض عملية المساهمة في مجرد الاعتراض على بعض البنود التي ربما تشكل القليل من الأهمية مع اغفال عناصر اخرى ذات اهمية استراتيجية اكبر. ان تحديد اجراءات الإستراتيجية الشاملة والخوض في تفاصيل اعدادها يتوقف على عوامل عدة منها حداثة ممارسة المنشأة لعملية التخطيط الإستراتيجي حيث انها في هذه الحالة ستكون بالتأكيد كبيرة وشاملة في جميع مراحلها، ايضاً يجب ان لا ننسى عاملاً مهماً وهو حجم تلك المنشأة؟ فالمنشآت الصغيرة والتي تتصف بقلة مواردها سيجد المدير التنفيذي نفسه مسؤولاً مسؤولية كاملة عن وضع كافة تفاصيل الخطة، اما في حالة نموها وتوسع انشطتها اضافة الى تعقد هيكلها التنظيمي فلابد من الاستعانة ببعض المساعدين التنفيذيين والمستشارين في وضع الاستراتيجية المعنية. ايضاً النمط القيادي يلعب دوراً رئيسياً كونه مركزياً يميل الى تقييد السلطة ومنح اقل عدد من الصلاحيات او لا مركزياً يميل الى تفويض السلطة وفتح المجال للإبداع ومنح صلاحيات ومهام اكبر.. ان جميع ماتم التطرق اليه يجب اخذه بجدية وبعين الاعتبار للوصول الى اعلى كفاءة وفعالية مطلوبة. ولا ننسى ايضاً التنبؤ بالمستقبل والذي يشكل عصب الحياة لعملية التخطيط الاستراتيجي فبدونه لا تقوم عملية التخطيط وبدونه لا يمكن التفريق بين جودة وكفاءة مدير تنفيذي عن آخر حيث انه هو المحرك الأساسي لعناصر الخطة وهو اللاعب الرئيسي لنجاحها. لو أعددنا قائمة بأكبر المنشآت وأنجحها خلال العقود الماضية على مستوى العالم وأخرى بأكبرها حتى الآن سوف نجد ان القليل من الشركات في الماضي مازالت تتمتع بنفس القدر من المكانة والأهمية التي كانت تحتلها سابقاً والسبب الرئيسي يرجع الى تغيرات بيئية لم تحسن ادارة تلك المنشآت التعامل معها إما بسبب عدم توقع الإدارة لها او بسبب عدم توافر الموارد الكافية لمواجهتها بسبب ضعف عملية التنبؤ في التخطيط؟ لذلك ادعو جميع منشآتنا الخاصة الى اعطاء اهمية لموضوع التنبؤ بالمتغيرات المستقبلية وأخذها بعين الاعتبار في مراحل متقدمة قبل الدخول في مشاكل وتفاصيل لاحقة هي في غنى عنها. ايضاً المرونة في عملية التخطيط الإستراتيجي مهمة حيث انه من المحتمل جداً ان تواجه المنشأة خلال مراحل الخطة العديد من المتغيرات كما اسلفت في السابق ولمواجهة تلك المتغيرات يجب وضع مساحة فاصلة او هامش يمكن من خلاله اجراء بعض التغييرات والتعديلات التي لا تتعارض مع المضامين الرئيسية.. وأرى ومن خلال اطلاعي على بعض الدراسات المقدمة في هذا المجال لبعض منشآتنا الخاصة انه تم اغفال هذا الجانب وأصبحت عملية التعديل لبعض المراحل اشبه بما تكون مستحيلة؟ لأن بُعد النظر قد لا يكون موجوداً لدى واضع الخطة الاستراتيجية في حينها، فالمرونة في مثل هذه الحالة بالتأكيد ستكون شبه معدومة! هنالك امثلة واقعية كثيرة ولكن ليس هنالك مجال للحديث عنها.