منذ سنوات طويلة ونحن نقرأ ونسمع عن كثير من الأرقام والإنجازات المتفردة التي تتحدث عنها موسوعة غينيس العالمية للأرقام Genius World Record )) . هذه الموسوعة ظهرت أول مرة عام 1955 م واليوم يباع منها ما يزيد على 100 مليون نسخة بسبعٍ وثلاثين لغة في مائة دولة. مواد الموسوعة تزيد على 60 ألف رقم قياسي في شتى الفعاليات والمجالات الفردية والجماعية،وهي ليست قصراً على الإبداع وحُسن الأداء البشري وإنما تجاوزته إلى المنشآت والتجهيزات والمعدات، لنجد في كل عام متابعةً وتسابقا لتحطيم كل رقم تم التوصل إليه. بما لها من سمعةٍ ومكانة، وبما حققته من إنجازات أصبحت موسوعة غينيس هيئة دولية تتابع الساحة وتتلقى الاتصالات، وتتحقق من إحراز الأرقام القياسية العالمية من خلال فريق يُرسَل إلى بلد الإنجاز ويُصْدر بعد ذلك شهادة الاستحقاق ودخول العالمية. صحيح أن هذه الموسوعة فيها من الأرقام القياسية ما يستحق الحديث عنه ومتابعته في ميادين العلم والمعرفة،ولكننا نجد فيها أيضاً أشياء تدعو للضحك والسخرية ومع ذلك تبقى في نظرة المرجعية (الغينيسية) أرقاماً ونتائج متفردة. هناك فرق بين عالم،أو طبيب،أو مهندس تمكن من الوصول إلى نتائج أو اختراعات مبهرة في مجال تخصصه وبين آخر كان له أطول شارب،وثانٍ استطاع أن يبتلع عدداً كبيراً من البيض، وثالثٍ نام في صندوق للأفاعي لفترات طويلة. في الجانب الإنشائي والتكويني هناك أيضاً فرق بين بناء أطول جسر عائم أو أكبر مصنع للسيارات، وبين أكبر كعكة أو أطول سيخ كباب. موسوعة غينيس احتوت في إصداراتها السابقة على أرقام قياسية حققها سعوديون أو مؤسساتٍ سعودية، وهذا يقودنا إلى التساؤل : لماذا لا يكون لدينا موسوعة سعودية تحاكي موسوعة غينيس العالمية وليست نسخة منها ؟ نريد هذه الموسوعة أن تُعْنى بما يتحقق في هذه البلاد المباركة كل عام سواء على المستوى الفردي، أو الجماعي،ِ أو المؤسسي. لا نريد منها أن تبحث عن أرقام قياسية في مجالات غير جادة. نريدها أن ترصد كل رقم قياسي يتحقق في مجالات الإبداع والاختراع بحيث يتم في كل عام إصدار هذه الموسوعة وتكريم الفائزين فيها. هذه الخطوة، لو تبنتها إحدى الجهات الحكومية أو الخاصة، ستفتح المجال واسعاً للإبداع وانتشار المعلومة والتنافس، وستكون الموسوعة السعودية مصدراً معلوماتياً مهماً لكل راغبٍ في الاستثمار، وتبني الأفكار الجديدة وتطويرها داخل المملكة وخارجها. لا نريدها أن تتحدث عن أطول سفرة للأكل، أو أكبر حبة فلافل، أو أغلى ناقة أو ماعز. دعونا أيضا نبتعد عن كل ما يدعو للضحك والسخرية وعن الأشياء التي جاءت متفردة بطبيعتها ولم يكن للمرء دور فيها؛ مثل أطول وأقصر إنسان. في الجانب المؤسسي لا نريد أن نفخر بأشياء تتحقق بالقدرة على التملك والشراء مثل ما تم الإعلان عنه في موسوعة غينيس مؤخراً من تسجيل رقم قياسي لأطول اسطول شاحنات في إحدى الدول المجاورة. أريد أن يعرف الآخرون أن لدينا أشياء نفاخر بها، وأننا لسنا بأقل من غيرنا، ومن يدري فقد يأتي يوم ننافس فيه بإنجازاتنا بعض ما تنشره غينيس العالمية.