تمضي الحكومة اللبنانية وقتها في نزع فتيل حريق أمني من هنا وتبريد أجواء سياسية من هناك، وتنشغل مكوناتها في تبديد الاحتقان فيما بينها وخصوصا بعد «الفتور الجدي» الذي ساد العلاقة بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحرّ» على خلفية تمرير «قانون المياومين» في شركة كهرباء لبنان في مجلس النواب «بطريقة غير مقبولة» من قبل رئيس المجلس النيابي الرئيس نبيه بري، وذلك من وجهة نظر العونيين. وتعتبر هذه هي المرة الأولى منذ توقيع وثيقة التفاهم بين الطرفين في كنيسة «مار مخايل» قبل ست سنوات التي ينحدر فيها مستوى العلاقة الى هذا الدّرك، وقال مصدر في «التيار الوطني الحرّ» ل «الرياض»: «إن ما حصل بيننا وبين «حزب الله» هو نتيجة تراكمات مزمنة، أما الحديث عن عودة التواصل فهو صحيح لكنّ شيئاً ما انكسر بيننا ولا يمكن ترميمه البتّة». وإذا كان «حزب الله» يعتصم بالصمت حيال هذا الانفكاك المحتمل للشراكة مع شريك مسيحي أمّن لسلاح المقاومة الذي يخصه غطاء محليا ودوليا، فإن الاتصالات والزيارات المكوكية متواصلة بين الطرفين، فيما يؤكد الجنرال ميشال عون أن «التباين حول مسائل تتعلق بالفساد الإداري شيء ورفع الغطاء عن المقاومة شيء مختلف لن يحصل». وعلى الرغم من كل محاولات رأب الصدع، إلا أن المشهد السياسي الداخلي يبدو قادما على تبدلات جذرية على وقع الأزمة السورية. وإذا كان حلفاء الأمس لا يرغبون بإسباغ هذا «البعد الإقليمي» لخلافهم، فإنه من الواضح أن عقد التحالف «الأبدي السرمدي» قد ارتج بقوة. وإذا كانت المعالجات الوقتية ستؤجل الانفجار النهائي فإنه آتٍ في المستقبل. يقول سياسي مراقب في المعارضة إن «كل فريق في لبنان بدأ يعدّ العدة للمرحلة القادمة التي ستشهد من وجهة نظر كثر تبدلا جذريا في سوريا وغياب المظلة «الأسدية» التي خيمت على لبنان طيلة 40 عاما». يضيف هذا السياسي المخضرم: «إن «حزب الله» وسلاحه باتا في عين العاصفة، ولم تعد معادلة السلاح مقدسة، وهو يدرك جيدا أن أي مفاوضات مقبلة بين مظلته الإيرانية والأميركية قد تنتج صفقة حول سلاحه، ويدرك أن أي تبدل في الحكم في سوريا سيسدّ عليه منافذ «الأوكسجين» وهو بات بالتالي يستشعر ضرورة مدّ اليد إلى شركاء جدد، وقد يكون «تيار المستقبل» في مقدمة من يطمح إليهم «حزب الله». ويشير إلى أن «التيار الوطني الحر» من جهته بات يستشعر خطر عودة المياه إلى مجاريها مع خصوم الأمس وهو عاد ليدغدغ ساحته المسيحية التي حمل جزءاً غير يسير منها على تحالفه مع «حزب الله»، وبالتالي فإن ما يحدث بين الطرفين هو إعادة حسابات سياسية واستراتيجية ستبرز تدريجيا كلما اهتزّ النظام السوري أكثر فأكثر».