دأب بعض عمال أرامكو في أوائل عهد تشغيلهم فى الظهران ومناطق الربع الخالي على استعمال مفردات إنجليزية لها صلة مباشرة بعملهم. وتستمر معهم الحال عند عودتهم إلى بلداتهم فيكلمون عن ( الفيناري ) = الريفاناري – المصفاة. و(الركمان) = عامل المنصّة . و( التنديل ) - Attendant المرافق .. وهكذا. ليس هذا بغريب ففي حول سنة500 قبل ميلاد المسيح صارت اللغة الآرامية اللغة الرسمية في كل بلاد الشرق الأدنى القديم، وقد نابت مناب العبرية والكنعانية. من جهة أخرى جعل الفرس الآرامية لغتهم الدبلوماسيّة. خالط العرب السريان وهم في مقدمة الشعوب الآرامية في الجاهلية والقرون الأولى للإسلام. فاقتبسوا منهم، إلى العصر السادس بعد الهجرة، مئات الكلمات المختصة بالزراعة والصناعة والتجارة والملاحة، كذلك استعاروا منهم ألفاظاً عديدة مختصة بالنصرانية ، بعضها سرياني محض والباقي من أصل يوناني. ويقول رفائيل نخلة صاحب غرائب اللغة العربية إن أكثر الكلمات العربية القديمة المختصة بالزراعة آرامية الأصل، لأن العرب لا يميلون إلى الزراعة، فضلًا عن كون بلادهم الأصلية ، شبه الجزيرة العربية ، فقيرة جدا بالحيوانات والنباتات . لم يكن فيها في القديم لا دجاج ولا أوز . فالآراميون هم الذين غرسوا النخل . نذهب إلى شبه إجماع أصحاب المعاجم بأن السريان والكلدان - وكلا الشعبين آراميان - قد خدموا العرب بنقلهم إلى العربية أشهر الكتب العلمية اليونانية، إجابة لطلب الخلفاء العباسيين عند نشأة دولتهم. لما فتح العرب بلاد الشام والعراق كان أكثر أهاليها نصارى ، يتكلمون بلهجات آرامية شتى إلى أن فرض عليهم واقع الحياة اللغة العربية. وهناك الكثير من الأمور اللغوية التي يمكن ان نطلق عليها تلاقح اللغات من خلال التأثير والتأثر.. وهناك الكلمات التي تنسلخ عن أصلها بتطور استعمالها او الكلمات التي تحمل معاني مختلفة باختلاف البلدان مع أنها تحمل نفس الحروف، فلا يجب علينا أن نكون منغلقين، واللغة وسيلة التواصل. علماً بأنني لست من أنصار التغريب وممن يعشقون لغتهم الأم لغة القرآن. واستعمال مفردات دخيلة في حديثنا اليومي أمر لا فرار منه وهي مسألة عالمية في عصر الإنترنت والفضائيات، حيث تداخلت أشياء كثيرة، واستعارت لغات مفردات من أخرى.. كلمات تتغير وأخرى تموت، وثالثة تشتق وتستحدث أو تستعار من لغة أخرى، ورابعة يجري تطويرها.