عاشت الأسر في الايام الماضية فترة عصيبة بانتظار نتائج الامتحانات، لحظات مليئة بالتوتر والشد العصبي، الجميع على أعصابهم، الأم ترفع صوتها بالدعاء لأبنائها، الأب عاقد حاجبيه، نظرات شرسة، يفكر في هدايا النجاح او طرق العقاب، الأبناء ينظرون الى آبائهم نظرة حذرة، يبتعدون عن مقابلتهم، يلبون طلباتهم بسرعة يتجنبون الحديث معهم، يتمنون لو تعود الاختبارات ويكون الاجتهاد اعمق، لحظات مفزعة يعيشونها يدعون ربهم بصوت عال (يارب نجحنا) حتى الصلوات لا يفرطون بها، تجد المساجد ممتلئة. كانت وما زالت الأم هي المسؤولة عن اي خطأ او رسوب يحدث في المنزل لذلك تجدها اكثر حرصاً على النجاح، الأب لا يوجه الأسئلة الى الأبناء بل يوجهها الى الأم، لايظهر الاب التوتر النفسي والاضطراب الذي بداخله ليظهر بدور الشخص القوي صاحب السلطة التي يترجمها بالفعل، بعكس الأم التي دائماً ما ترفع صوتها بالدعاء و غدق أبناءها بالحنان. في الماضي كانت الام تجهز الأبناء للذهاب الى المدرسة لأخذ الشهادة.. البنين لا يحتاجون الى تجهيز خاص ( ثوب وطاقية وتلف الشماغ على رأسه)، اما البنات ينتظرها عمل كبير بداية بتجهيز الملابس الخاصة بالمناسبات الفرائحية (فساتين) وتغيير طريقة (تسريحة الشعر) من (قرنين وبكلة) الى تسريحة مميزة ومن شريطة فوق الرأس الى التاج و(الشنطة) الخاصة بالفستان والحذاء.. جميعها بنفس اللون، تصطحب الام ابنتها الى المدرسة وفي صحبتها اشقاؤها الصغار، وربما معها (زمزمية قهوة) وتدخل الى المدرسة وتلقي التحية على الجميع، ربما يعود ذلك الى ثقة الأم في نجاح ابنتها ولم تحصد(الواوير الحمراء)، لذلك تلبسها كل ماهو جديد وتأتي مسرورة وفرحة. (خذ الشهادة وارجع للبيت) جملة توجهها الأم للولد.. يذهب الى المدرسة ان كان من الناجحين لا عودة للبيت قبل الظهر (فسخ الشماغ وحط الثوب بداخل السروال) ومارس اللعب سواء كانت حرارة الشمس مرتفعة ام لا.. كل مايفكر فيه هو استغلال الموقف لصالحه، حتى انه نسي وصية امه ضرورة العودة الى البيت ونسي كل شيء لانه يعلم ان والدته ستغفر له بمناسبة النجاح، يعود الى البيت وقد اتسخ هندامه وتعرض للضرب والسقوط في كل مكان الا ان الشهادة لم تتعرض للأذى، يسلمها الى امه وهو مبتسم ويردد (قايلكم ناجح). الوعيد والتهديد يبدأ في بعض الأسر مع نهاية الامتحانات، هو نوع من الانتقام.. يمارسه الآباء على أولادهم، بنين وبنات، إذا ما خذلتهم نتيجة الامتحان، وهو ناتج طبيعي لتصور أن سبب الرسوب هو الطالب فقط دون سواه، لا احد يعفي الطالب من تقصيره واستهتاره، لكن على الآباء التأني قبل الإقدام على أي تصرف، ليقفوا على حجم المسؤولية التي تقع على عاتق الطالب، من تلك التي لا يشاركة فيها الآخرون.. بما فيهم الآباء والأمهات.