أتفهم جيداً المأزق الصعب الذي تمر فيه إدارة الهلال في مساعيها الحثيثة لتجديد عقد لاعبها أحمد الفريدي؛ خصوصاً وقد أدخلت نفسها في التفاوض معه إلى طريق مسدودة، في الوقت الذي يجد فيه اللاعب الطريق مفتوحة على مصراعيها، بل ومتفرعة إلى أكثر من مسار، وهو ما يجعله يتعاطى مع ناديه بطريقة هي أقرب للمساومات منها إلى المفاوضات، ومن يقول غير ذلك عليه مراجعة سياق العلاقة بين الطرفين منذ حادثة رسالة الجوال الشهيرة التي بعثها للنادي في يناير الماضي. أساليب التفاوض المتغيرة، وتقطيع الوقت الدائم، وكذلك الأرقام المطروحة، التي يفرضها الفريدي ومن خلفه وكيل أعماله سلطان البلوي على الإدارة الهلالية ما كانت لتكون بهذه الصورة لولا أن أصحاب القرار في الإدارة الهلالية لم يحسنوا التعاطي مع ملف التجديد معه منذ وقت مبكر، مثله في ذلك مثل التعاطي مع ملف أسامة هوساوي، إذ كان جديراً بالهلاليين أن يحسموا الملفين منذ وقت مبكر باختيار أحد أمرين؛ إما تمديد العقدين، أو بيعهما، حتى وإن وصلوا إلى القرار الذي لا مناص منه، وهو رحيلهما إلى الأندية المنافسة؛ بدلاً من أن يعيشوا هذا الصداع المزمن الذي ظل ومازال يؤرق كل من في البيت الأزرق. لعب الفريدي مع الإدارة الهلالية الآن أصبح على المكشوف ومن أمام الستارة، بعد أن ظل الطرفان يلعبان من خلفها، وهاهو وكيل أعماله يؤكد بأن الهلال ومعه كل الأندية باتوا في كفةٍ، ومصلحة اللاعب في الكفة الأخرى، إذ أكد بأن موكله لن يرد على أي عرض هلالي حتى يدخل فترة الأشهر الستة الحرة التي تسمح له بتلقي العروض من الأندية الأخرى، وأنه سيختار العرض الأعلى دون النظر لاسم النادي. تصريح البلوي أسقط كل الأقنعة التي ارتداها الفريدي طوال الشهور السبعة الماضية للتمويه على جماهير (الزعيم)، كما أسقط كل الحواجز التي بنتها الإدارة الهلالية في سبيل عدم اختراق حقيقة الوضع السيئ الذي وصلت إليه العلاقة بينها وبينه، إذ صار واضحاً أن اللاعب لم يعد يضع لناديه بكل مكوناته أية اعتبارات معنوية؛ بدليل أن الفيصل بينه وبين مغادرة البوابة الأخيرة في البيت الهلالي، أو البقاء فيه هو العرض الأعلى، ولا شيء غير ذلك. قد يقول قائل بأن ما يقوم به الفريدي هو ممارسة احترافية بامتياز، وهذا القول وإن كان في جانب من الجوانب صحيحاً؛ لكنه غير ذلك في جوانب كثيرة، إذ حتى في العملية الاحترافية هناك أمور أرقى بكثير من المساومات المادية، وإلا لكان النجم الأرجنتيني ميسي آخر من يفهم في لغة الاحتراف حينما أكد بأنه لن يغادر برشلونة حتى اعتزاله اللعب، مضيفاً في تصريح لصحيفة "بيلد" الألمانية، والذي تناقلته وكالات الأنباء" خطتي أن ألعب طوال حياتي مع برشلونة"، معتبرا أن المال لن يغير رأيه، حين قال:"لا، ليس المال. سأرحل فقط عندما اشعر بأني لست جيداً، أو أن النادي يريد التخلي عني"، فإذا كان هذا ما يقوله الأسطورة ميسي، فمن يكون الفريدي؟!