وزير الحرس الوطني يحضر عرضاً عسكرياً لأنظمة وأسلحة وزارة الدفاع الوطني الكورية    وزير الحرس الوطني يصل جمهورية كوريا في زيارة رسمية    ترمب يتحدث عن وجود تزوير في فيلادلفيا.. والمدعي العام ينفي    السعودية تتقدم عالمياً في تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة مضاوي بنت تركي    «المالية»: 309 مليارات ريال إيرادات ميزانية الربع الثالث.. و«غير النفطية» تصعد 6 %    التعاون يواجه ألتين للتمسك بالصدارة في «آسيا 2»    الجبلين يتغلّب على نيوم بهدف في دوري يلو    الاتفاق يتغلب على القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج    «التعليم»: تدريس اللغة الصينية بما يعادل مدة الابتعاث    تنفيذ حكم القتل تعزيراً في أحد الجناة بمنطقة المدينة المنورة    آل الشيخ في مؤتمر «cop29»: تنوع الثقافات واحترام خصوصية كل ثقافة.. مطلب للتعايش بين الشعوب    «الحسكي».. مكونات سياحية بمحمية الإمام تركي بن عبدالله    مجلس الوزراء يقر إطار ومبادئ الاستثمار الخارجي المباشر    سان جرمان وبايرن يسعيان للعودة إلى سكة الانتصارات    بيولي: النصر يستهدف اللقب الآسيوي    مشروع رؤية 2030.. أول الغيث    9146 ريالا زيادة سنوية بنصيب الفرد من الناتج المحلي    الحوادث المرورية.. لحظات بين السلامة والندم    الزائر الأبيض    ازدهار متجدد    تبكي الأطلال صارن خارباتي    سلام مزيف    فلسفة الألم (2)    الممارسون الصحيون يعلنون والرقيب لا يردع    د. الذيابي يصدر مرجعًا علميًا لأمراض «الهضمي»    انقطاع نفس النائم يُزيد الخرف    القيادة تهنئ رئيسة مولدوفا    المنتخب السعودي .. وواقعية رينارد    Apple تدخل سوق النظارات الذكية لمنافسة Meta    أول قمر صناعي خشبي ينطلق للفضاء    إلزام TikTok بحماية القاصرين    أداة لنقل الملفات بين أندرويد وآيفون    محمية الغراميل    اتفاقية بين السعودية وقطر لتجنب الازدواج الضريبي.. مجلس الوزراء: الموافقة على الإطار العام والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    ثري مزيف يغرق خطيبته في الديون    الألم توأم الإبداع (سحَر الهاجري)..مثالاً    الاحتلال يواصل قصف المستشفيات شمال قطاع غزة    معرض سيتي سكيب العالمي ينطلق الاثنين المقبل    دشنها رئيس هيئة الترفيه في الرياض.. استديوهات جديدة لتعزيز صناعة الإنتاج السينمائي    يا كفيف العين    اللغز    خبراء يؤيدون دراسة الطب باللغة العربية    رأس اجتماع مجلس الإدارة.. وزير الإعلام يشيد بإنجازات "هيئة الإذاعة والتلفزيون"    عبدالوهاب المسيري 17    15 شركة وطنية تشارك بمعرض الصين الدولي للاستيراد    الصناعة: فوز11 شركة برخص الكشف بمواقع تعدينية    همسات في آذان بعض الأزواج    وقعا مذكرة تفاهم للتعاون في المجال العسكري.. وزير الدفاع ونظيره العراقي يبحثان تعزيز العلاقات الدفاعية وأمن المنطقة    X تسمح للمحظورين بمشاهدة منشوراتك    فالنسيا تعلن فقدان أثر 89 شخصاً بعد الفيضانات في إسبانيا    تأثيرات ومخاطر التدخين على الرؤية    التعافي من أضرار التدخين يستغرق 20 عاماً    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل المصري    أبرز 50 موقعًا أثريًا وتاريخيًا بخريطة "إنها طيبة"    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة مضاوي بنت تركي بن سعود الكبير    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    كلمات تُعيد الروح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدارة التنوع الإنساني
نشر في الرياض يوم 03 - 07 - 2012

إننا في الوقت الذي نقر فيه بحقيقة التعدد والتنوع الإنساني، وندرك أن هذا التنوع، سيقودنا لقناعات ومواقف مختلفة في شؤون الحياة المختلفة.. ولكن هذا الاختلاف في القناعات والمواقف، ينبغي أن يحكم بقيمتي العدالة والتعارف
ثمة حقيقة إنسانية ثابتة وراسخة في الوجود الإنساني.. وهي أنهم متنوعون ومتعددون، ولايمكن أن يكون الإنسان نسخة كاملة من الإنسان الآخر.. فالباري عز وجل خلق الإنسان وأوجد فيه هذه الجبلة الإنسانية ..
وأي سعي لتجاوز هذه الجبلة الإنسانية أو مخاصمتها، فإنه (أي السعي) لا ينتج إلا المزيد من الاستبداد وكل متوالياته الكارثية ..
ولكن هذا التعدد والتنوع الإنساني في القناعات والميولات والأهواء والأولويات ، ليس مدعاة للفوضى أو الانعزال والانكفاء عن الجماعات الإنسانية .. فالناموس الرباني الذي أودع في كل إنسان قابلية الاختلاف وحقائق التنوع على المستوى العقلي والنفسي ، هو ذاته الذي دعانا جميعا إلى بناء حياة إنسانية مشتركة قائمة على هذه الحقائق وصياغة أنظمة اجتماعية وأخلاقية لا تمارس العسف بحق مقتضيات الجبلة الإنسانية ..
فنحن جميعا كبشر مختلفون ومتنوعون ، ولكن هذا الاختلاف والتنوع ، لا يبرر لنا أن نعيش وحدنا أو ننعزل عن محيطنا الاجتماعي أو نهرب إلى الكهوف رافضين المساهمة في بناء حياة إنسانية واجتماعية على أسس متينة ومنسجمة ونواميس الخالق عز وجل في الوجود الإنساني ..
فالمطلوب في هذا السياق هو إدراك أننا كبشر متنوعون ، والله سبحانه وتعالى خلقنا على هذه الجبلة .. ولكن في ذات الوقت جاءت التوجيهات الربانية لتدعونا إلى التعارف والانفتاح والتواصل مع الإنسان الآخر .. إذ يقول تبارك وتعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) (الحجرات 13) ..
فالآية القرآنية الكريمة ، ترسي وتؤصل لمبدأ الكرامة الإنسانية الذاتية ، وأن الفضل بين البشر ليس وليد شكل الإنسان أو لونه أو قومه ، وإنما هو وليد كسبه الذاتي الذي تشير إليه الآية القرآنية بأن (أكرمكم عند الله أتقاكم) فالتقوى ليست إرثا يحصل عليه الإنسان ، كما أنها ليست صنوا لقوم معين أو جماعة بشرية محددة ، وإنما هي قيمة أخلاقية وسلوكية يحصل عليها أي إنسان بصرف النظر عن قومه وبيئته هذا إذا هذب نفسه وسيطر على شهواته وأهوائه .. فالبشر يتفاضلون مع بعضهم البعض من جراء كسبهم الذاتي وليس لشيء آخر ..
فالتنوع الإنساني حقيقة راسخة في الوجود الإنساني ، وجميع البشر تجاه هذه الحقيقة سواء .. بمعنى لا يوجد عرق أفضل من عرق آخر ، ولا يوجد شعب أفضل ذاتياً من شعب آخر .. فالجميع متساوون ووسيلة التفاضل الوحيدة بين البشر هي وسيلة كسبية ومرهونة بقدرة كل فرد أو مجتمع على بناء واقعه على أسس صلبة تمكنه من التقدم وحيازة الصفوف الأولى في السباق البشري ..
وحتى لا يتحول التنوع الإنساني إلى سبب للفوضى أو الصراع المدمر بين المجتمعات فهناك قيمتان مركزيتان تضبطان حقيقة التنوع وتديرهما على أسس صحيحة ، وهاتان القيمتان هما:
1-العدل : إن التنوع الإنساني بكل مستوياته ، يتحول إلى مصدر للجمال والثراء المعرفي والأخلاقي ، حينما يدار وفق قيمة العدل .. فالاختلافات الإنسانية لا تشرع لأي أحد للافتئات على أخيه الإنسان ..
وإنما الاختلاف ينبغي أن يدار ويضبط بقيمة العدالة ومقتضياتها الأخلاقية والسلوكية.. لذلك يقول تبارك وتعالى (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ، ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى ، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) (سورة المائدة ، 8) ..
وجاء في تفسير هذه الآية أن العدل شعار الإسلام في الحياة .. وينطلق القرآن في التأكيد عليه في بناء شخصية الإنسان المسلم بمختلف الأساليب ، من أجل إلغاء كل النوازع والأفكار والمشاعر المنحرفة من تكوينه الذاتي ، لئلا تحول بينه وبين الانسجام مع حركة الخط المستقيم في الحياة ..
فتعالوا جميعا من مختلف مواقعنا الفكرية والاجتماعية أن لا يخرجنا تباين قناعاتنا واختلاف مواقفنا في أي أمر أو موضوع عن العدالة ومقتضياتها .. لأننا جميعا مأمورون بالالتزام بالعدالة ، وأن لا تكون اختلافاتنا المبرر الأخلاقي لعدم الالتزام بالأمر الرباني .. فالله سبحانه وتعالى خلقنا مختلفين وأمرنا بالعدالة في القول والفعل ..
وأعتقد أن الكثير من المشكلات القائمة بين المختلفين سواء أكانوا أفرادا أم جماعات هو من جراء عدم الالتزام بمقتضيات العدالة .. فالاختلاف مهما كان حجمه لا يشرع للظلم ونحن جميعا مطالبون بالالتزام بالعدالة ..
2-التعارف :
لكوننا على المستوى الإنساني ، نعيش التنوع والتعدد بكل أشكاله ، فإن المطلوب دائما ليس خلق الحواجز بيننا ، وإنما فتح آفاق التعارف وإطلاق مشروعات للتواصل لكسر حاجز الجهل المتبادل وتطوير مستوى الفهم والتفاهم بين الأفراد والجماعات .. فالتنوع الديني أو المذهبي أو القومي أو الأثني ، لا يشرع لأحد الانغلاق والانزواء وبناء مجتمعات خاصة مغلقة ، وإنما هي مدعاة لنا جميعا للانفتاح والتواصل وتعزيز قيم التعارف ..
ولابد أن ندرك في هذا السياق : أن التعارف ليس هدفه إنهاء الاختلافات والتباينات ، وإنما إدارتها على أسس مشتركة تضمن للجميع حقوقهم المادية والمعنوية .. لهذا ومن منطلق قيمة العدالة والتعارف ، فإننا نرفض كل أشكال التحريض بين المختلفين وندعو الجميع من موقع المحبة إلى الالتزام بمقتضيات العدالة والتعارف .. والتحريض بكل أشكاله ضد العدالة والتعارف وهو يؤسس لمناخات نفسية واجتماعية تدمر المشتركات وتطلق غرائز التدمير والحروب وتفكك أسس النسيج الاجتماعي ..
لهذا كله : فإننا في الوقت الذي نقر فيه بحقيقة التعدد والتنوع الإنساني ، وندرك أن هذا التنوع ، سيقودنا لقناعات ومواقف مختلفة في شؤون الحياة المختلفة .. ولكن هذا الاختلاف في القناعات والمواقف ، ينبغي أن يحكم بقيمتي العدالة والتعارف ، حتى نتمكن جميعا من صيانة استقرار مجتمعاتنا والحفاظ على أسس العيش المشترك أو الواحد ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.