في سابقة غير معهودة في التاريخ المصري ادى الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي اليمين الدستورية ثلاث مرات خلال يومين ، حيث ادى القسم الاول في ميدان التحرير يوم الجمعة والثاني والثالث على التوالي امام المحكمة الدستورية العليا وفي جامعة القاهرة امس. و قال مرسي في كلمته بجامعة القاهرة إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أدى ما عليه خلال المرحلة الانتقالية ، وسلم السلطة ، وسيعود الجيش المصري العظيم لممارسة مهمته في الحفاظ على أمن الوطن والحفاظ على قواتنا المسلحة عزيزة قوية ، وسيترك للمؤسسات الدستورية القيام بعملها. وتوجه مرسي في كلمة إلى الشعب المصري في الاحتفال الشعبي بتنصيبه رئيسا للجمهورية ، والذي أقيم بقاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة أمس عقب أدائه اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا ، بالتحية إلى المجلس العسكري على ما بذله من جهد ، وما تحمل من عنت ، وتعهد بأن يعمل من أجل الحفاظ على القوات المسلحة وزيادتها قوة ، فيما اعتبر «مهادنة» مع المؤسسة العسكرية . وقال مرسي : «سأحافظ على القوات المسلحة والشرطة والقضاء وسوف أبذل كل جهدي للحفاظ على أمننا القومي وحماية حدود هذا الوطن، مع القوات المسلحة درع الوطن وسيفه الذي يردع كل من تسول له نفسه المساس بمصر أو تهديد أمنها القومي». وتعهد بالحفاظ على القوات المسلحة، وأن يعلي من شأنها ودعمها، وأن يتخذ كل الوسائل والأسباب لتكون أقوى مما كانت ولتستمر راسخة وليكون الشعب معها في كل ما تعمل. وأضاف: «أعاهد الله تعالى، والعالم يسمع ويرى والله فوق الجميع يسمع ويرى، أن أضع أمن البلاد واستقرارها نصب عيني ومسؤوليتي مع رجال الشرطة الأوفياء الذين نذروا أنفسهم لحماية الأرواح والممتلكات.. وأعاهد الله أن نستكمل معا استقلال القضاء وأن يكون حكم القانون هو الفيصل وأن يحصل كل مصري ومصرية على حقه أمام منصة العدالة العالية». وتابع: «سيعود الجيش المصري العظيم ليتفرغ لمهمته في حماية أمن الوطن، والحفاظ على قواتنا المسلحة في إطار الدستور والقانون فتحية لهم على ما بذلوه من جهد وما تحملوه من عناء.. تحية لهم على ما تحملوا من مشاق «. وشدد مرسي على أن مصر لن تعود إلى الوراء قائلا : نحن نطوي صفحة بغيضة ونستفتح صفحة مضيئة إن شاء الله نسطر معا بسواعد المصريين تاريخا يتصل بتاريخنا الشامخ منذ آلاف السنين، حيث عاشت أمتنا عصور ازدهار يفخر بها ملايين العرب والمسلمين ، كما عانت أحيانا لحظات انكسار سنعمل بقوة على ألا يعود. وأضاف أن الشعب المصري أنجز، إنجازات عظيمة سنحافظ عليها ولن نفرط فيها أبدا، لأنها ولدت من رحم المعاناة ، وأن الشعب فرض إرادته وسيادته، ومارس لأول مرة في تاريخه الحديث، سلطته الكاملة فانتخب مجلسا للشعب ومجلسا للشورى، في انتخابات حرة نزيهة، عكست تمثيلا حقيقيا لجميع أطياف المجتمع، واختار البرلمان المنتخب جمعية دستورية، ستستعين بجميع الخبراء في كافة الاتجاهات ليأتي الدستور معبرا عن التوافق الوطني، ومرسخا للدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، ومحافظا على قيم المجتمع، وحارسا للحريات الخاصة. وأشار إلى أنه سيقوم بالدستور والحق والقانون، مطلقا لحرية الفكر والتعبير والإبداع، وينقل مصر لمصاف الدول الحديثة التي يكون الحاكم فيها أجيرا للأمة عند الشعب. وقال الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي إننا سنعمل على تفعيل منظومة العمل العربي المشترك، واتفاقية الدفاع العربي المشترك والسوق العربية المشتركة، في إطار الجامعة العربية ، مضيفا :» مصر إذا نهضت ينهض العرب جميعا، إن مصر في عهدها الجديد لن تقبل بأي انتهاك للأمن القومي العربي، وستكون في صف السلام الشامل العادل وستقف قوية صلبة في وجه التحديات التي تواجهها الأمة العربية . وأضاف أن النظام السابق فرط في أمن مصر القومي، وأدى لتقزيم دورها الإقليمي والدولي، وإننا سنبنى مصر القوية بما يتفق مع قدرات مصر الصلبة والناعمة وثقلها الحقيقي في المنطقة العربية والإسلامية والإفريقية والدولية. وأكد في خطابه الرسمي الأول للأمة بجامعة القاهرة أمس ، أننا نحمل رسالة سلام للعالم، وقبلها رسالة حق وعدل، ونؤكد على المعاهدات والاتفاقات الدولية ، وقال «أعلن من هنا أن مصر الدولة والشعب والأمة والحكومة، ومؤسسة الرئاسة تقف مع الشعب الفلسطيني حتى يحصل على كامل حقوقه المشروعة، وسنعمل على إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية صفا واحدا لاستعادة أرضه وسيادته». وأضاف أننا لا نصدر الثورة، ولا نتدخل في شؤون الشعوب أو الدول، ولا نسمح في الوقت نفسه لأحد أن يتدخل في شؤوننا، مشيرا إلى أنه إذا كنا نبني مصرنا الجديدة، فإننا لا ننفك أبدا عن أمتنا العربية والإسلامية، ولا نعادي أحدا في العالم، ونعلن تأييدنا للشعوب لتعود لها سيادتها. وقال :» مصر اليوم داعمة للشعب الفلسطيني وأيضا للشعب السوري ، ويجب أن يتوقف نزيف الدم الذي يراق للشعب السوري، فالشعب الشقيق في سوريا سنبذل من أجله كل الجهد في المستقبل القريب إن شاء الله. الرئيس يلقي خطابا بعد ادائه اليمين الدستورية ( رويترز) وتابع مرسي :» سنعمل معاً على تشجيع الاستثمار في كل القطاعات واستعادة السياحة لدورها بما يعود بالخير على الاقتصاد المصري، سنرسم معاً مستقبلاً زهراً لأولادنا وشبابنا مسلمين ومسيحيين، لتعود مصر عزيزة قوية لتستكمل أهداف ثورتنا، ونحقق معاً الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، أعاهدكم الله ألا أخون الله فيكم.. لن أخون أهلي وسأكون عند ظنكم وإرادتكم. وقال إن الأمة المصرية على طول تاريخها قامت بدور الحارس الأمين للسلطة، مؤكداً أن الشعب المصري قادر على تقويم النظام الحاكم إذا حاد عن المسار، مضيفاً: «الشعب الذي خرج في ميادين الشهداء والتحرير وكل ميادين مصر، استطاع الشعب إسقاط السلطة الظالمة واستطاع تقويم مسار السلطة بشكل سلمي، ضارباً بذلك أروع النماذج في رقابة الشعب على السلطة الحاكمة». وأضاف مرسي:» إن الشعب اختارني من أجل مسيرة حضارة الدولة المصرية، ودورها العظيم ولن يقبل الشعب الخروج أن يقبل الخروج عن هذه المسيرة، أعاهد الله أن أبذل الجهد والطاقة في الحفاظ على الدولة المصرية لتكون المؤسسات معبرة عن الشعب المصري في حماية مطالب الشعب المصري. وكان مرسي اعتذر في مستهل كلمته في حفل تنصيبه بجامعة القاهرة لطلاب كليتي الآداب والحقوق الذين تأجلت امتحاناتهم أمس بسبب حفل تنصيبه الذي أقيم في الجامعة ، وبدأ كلمته قائلا «الله أكبر فوق الجميع». وأضاف قائلا :»قبل أن أبدأ حديثي معكم أوجه حديثا خاصا إلى أبنائي طلاب جامعة القاهرة الذين أجّلت امتحاناتهم ، وهم فقط في كليتي الحقوق والآداب، وسوف يؤدون الامتحان في الفترة المسائية ، وامتحان الصباح تم تأجيله للخميس 11 يوليو وأعلموا بذلك، فأرجو أن يتقبلوا مني اعتذاري عن تأجيل امتحاناتهم». وقبل بدء مراسم التنصيب الشعبي للرئيس محمد مرسي ، هتف طلاب الجامعة الحاضرون في قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة :»الجيش والشعب يد واحدة» عند دخول المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة ، وجاءت هذه الهتافات بعد ترديد البعض هتافات «يسقط حكم العسكر». وكان من ضمن الحضور أيضا الدكتور محمد البرادعي وكيل مؤسسي حزب الدستور ، وعمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية ، والدكتور أحمد زويل، والدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب الذي صدر قرار بحله، والدكتور أحمد فهمي، رئيس مجلس الشورى، والدكتور كمال الجنزوري رئيس حكومة تسيير الأعمال. وقد امتلأت قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة بطوابقها الثلاثة عن آخرها بمؤيدي مرسي وكبار المسؤولين في الدولة من وزراء ومحافظين وعدد كبير من السفراء العرب والأجانب وممثل لدولة الفاتيكان. كما حضر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية، والدكتور عبد الفضيل القوصي وزير الأوقاف، والأنبا باخوميوس القائم بأعمال البابا، كما حضرت قيادات المجلس الأعلى للشرطة . وكان مرسي اكد أنه سيقوم بدوره من أجل تحقيق استقلال السلطة القضائية لتقوم بدورها بعيداً عن السلطة التنفيذية ، مؤكدا احترامه للمحكمة الدستورية العليا والأحكام الصادرة عنها ، وقال إن الشعب أسس لديمقراطية حقيقية ولإعلاء مفهوم المؤسسية والاستقرار. وأضاف مرسي عقب أدائه اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا أمس ، أن استقلال القضاء هو ما سنسعى إليه جميعا في المستقبل، والحمد لله لأن لدينا المؤسسات وبها رجال مخلصون لوطنهم قائلا : «مصر اليوم دولة وطنية دستورية مدنية حديثة وتولد الدولة اليوم دولة قوية بشعبها وبتاريخها وبمعتقدات أبنائها ومؤسساتها ، وفي القلب من ذلك المحكمة الدستورية ، اليوم مصر قوية لا يؤثر عليها مؤثر، فهي حرة على أرض حرة وبشعب حر، ننطلق جميعً اليوم القضاء المصري كله ، وكذلك السلطة التشريعية والتنفيذية ، والمحكمة الدستورية مكون أساسي من هذه المؤسسات ضمن السلطة القضائية ، ننطلق إلى غدٍ أفضل إلى مصر الجديدة والجمهورية الثانية». وكان المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا ألقي كلمة خلال مراسم أداء الرئيس محمد مرسي اليمين الدستورية قال فيها : «وجودكم سيادة الرئيس في مقر المحكمة الدستورية العليا هو التجسيد الحي الحقيقي لإعلاء الشرعية الدستورية». وأضاف أن هذا يوم مشهود من تاريخ مصر ذلك الذي سطر فيه شعبها العظيم الصابر الثائر بدمائه وصلابته صفحة من صفحات المجد والكرامة والعزة والفخار، فاليوم تستقبل المحكمة الدستورية العليا ، هذه القلعة الشامخة من قلاع الحرية والديمقراطية والعدالة حصن الأمة المنيع في مواجهة البغي والظلم واستلاب الحقوق ، أول رئيس منتخب لجمهورية مصر العربية بإرادة شعبية ديمقراطية أثمرتها انتخابات حرة نزيهة حسم نتائجها قولا فصلا لجموع المواطنين. وتابع :» نرحب بكم ونعتز بحضوركم إلى هذه المؤسسة الدستورية العريقة التي نثق أنكم تشاطرون شعب مصر تقديركم لها واعتزازكم بدورها في حماية الشرعية الدستورية وإعلاء سيادة القانون على رؤوس كل العباد». واستطرد: «إن وجودكم سيادة الرئيس في مقر المحكمة الدستورية العليا هو التجسيد الحي الحقيقي لإعلاء الشرعية الدستورية ترفعون بها راية الدستور فوق كل الهامات وتطيلون قامة القانون». وأضاف قائلا « في يوم الأحد 4 شعبان عام 1433 هجريا، الرابع والعشرين من يونيو 2012 ميلاديا أعلنت لجنة انتخابات الرئاسة عن فوزكم بمنصب الرئيس في الانتخابات التي جرت يومي 16 و 17 من يونيو عام 2012 والجمعية العامة للدستورية العليا التي أشرف برئاستها، إذ تتقدم لسيادتكم بأصدق التهنئة بالثقة الغالية التي أولاها إياكم شعب مصر العظيم نتوجه للمولى القدير أن يوفقكم في مهمتكم الصعبة ويسدد على طريق الخير خطاكم فمن أجل مصر». حشود من الجماهير المصرية تحيط بسيارة الرئيس مرسي عند خروجه من المحكمة الدستورية (رويترز)