عقد ونصف من السنوات أمضاها سمو أمين منطقة الرياض السابق الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف في عمل دؤوب ومخلص لا ينكره إلا مجحف، تولى خلالها إدارة ملف الشأن البلدي في العاصمة الرياض، أكبر مدن المملكة مساحة وسكاناً، وتنوعاً اجتماعياً وثقافياً، قبل أن يبدي رغبته في تسليم هذا الملف لإدارة جديدة تكمل المسيرة، قناعة منه وقل أن تجد هذا في غيره من المسئولين القياديين بأنه قدم ما لديه لهذا القطاع التنموي والخدمي، وحان الوقت ليعطي الراية لفريق عمل آخر، لديه فكر جديد، وبرنامج تطوير إضافي، يمنح بعداً نوعياً آخر لما قدمه هو ومن سبقوه في تولي هذه المهمة. إن سكان مدينة الرياض، مواطنين ومقيمين، مهما اختلفوا في تقييمهم لأداء جهاز الأمانة خلال الفترة التي تولى فيها هذا الإداري المتميز دفتها، يتفق -فيما أكاد أجزم- الغالبية منهم أنها الفترة الأفضل على الإطلاق منذ قيام هذا الجهاز البلدي في المدينة، من نحو ما يزيد عن ستة عقود أو ربما أكثر، حيث استطاع من خلال ما قدمه طيلة تلك الفترة أن ينسي ما أنجزه في المدينة من سبقه، وسيتعب بلا شك في الجهد من سيأتي بعده. إن من الصعوبة بمكان في حيز محدود مثل هذه الزواية أن يتم استعراض شواهد وأمثلة على تميز الفترة التي تولى فيها سمو الأمين الدكتور عبدالعزيز بن عياف أمانة الرياض، لذا سأكتفي باثنتين منهما مما يلمسه الجميع، ولا تحتاجان في اعتقادي لأي قدر من الجهد لاستنباطهما. الأولى: استطاعته أن يعيد إلى المدينة بعضاً من بعدها الإنساني الذي افتقدته نتيجة التضخم في مساحتها وحجمها يوماً بعد آخر، من خلال برنامجه الذي لا زال متواصلاً في التأكيد على احترام عنصر المشاة في طرق وشوارع المدينة، وبالذات محاورها الرئيسية التي تتميز بالأنشطة الجاذبة لهذا العنصر، مثال على ذلك شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز ( التحلية )، وشارع الأمير سلطان بن عبدالعزيز ( الثلاثين )، إضافة إلى إيجاده أكثر من مضمار لممارسة رياضة المشي للجميع، بخلاف الساحات والميادين البلدية التي عمل على نشرها في كافة أحياء المدينة تقريباً بعد أن كانت حدائق تلفها الأسوار وتخشى الأسر من ارتيادها، فأضحت من ثم ملتقى اجتماعياً وترفيهياً للعديد من أفراد الأسر المقيمة بالأحياء المحيطة بها، هذا من دون الإشارة بالطبع للنشاط الاحتفالي الموجه لسكان المدينة والمدن المجاورة لها في أيام أعياد الفطر، ودعم النشاط المسرحي على مدار العام تقريباً، الذي حرص على أن يستهدف كافة شرائح المجتمع، من شباب ونساء وأطفال، وحتى من ذوي الاحتياجات الخاصة. أما الثانية فهي المعادلة الصعبة التي استطاع ببراعته أن يحقق نتيجتها، وهي كسب رضا الجميع من سكان مدينة الرياض، بمختلف مشاربهم وأذواقهم وتعدد مصالحهم ورغباتهم، ترى ذلك بوضوح في وجوه وتعابير ومشاعر كل من قابلت، أو استمعت، أو لمست ردة الفعل لديه حين أعلن رسمياً عن طلبه الرغبة في إعفائه من العمل أميناً لهذه المدينة، مسئولاً كان أم رجل أعمال أو مواطناً عادياً، مجمع غالبيتهم على الخسارة الكبيرة لمدينة الرياض من فقدان مسئول قيادي مخلص مثله. ما يخفف من وقع مغادرة سمو الأمين لموقعة هو الاختيار الموفق للبديل الذي سيخلفه في أداء هذه المهمة خلال المرحلة المقبلة وهو معالي الأخ المهندس عبدالله المقبل، الذي شارك ولا يزال في رسم وتنفيذ برامج التطوير لمدينة الرياض من موقعه في وزارة النقل سابقاً، وعضويته في الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، الذي سيكون أميناً لها في ذات الوقت، فبصماته واضحة ولا تنكر في رفع كفاءة شبكة الطرق بالمدينة، فله منا جميعاً التهنئة بالثقة الكريمة التي حظي بها، والدعاء له بالتوفيق والسداد، والرجاء بأن يعمل على إكمال ما بدأه سمو الأمين السابق من برامج تطويرية من أجل أن تحقق ما وضع لها من أهداف. الرياض ممثلة في معاليه ورجال الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية حق عليها أن تفي سمو الأمين السابق حقه، وتبادل إخلاصه بالوفاء، ولا أقل في هذا الشأن من أن تحظى إحدى معالم إنجازاته أو إسهاماته باسمه، ليبقى عطاؤه وتفانيه نبراساً لمن تسند له مسئولية الشأن العام في هذه المدينة.