يخيل لي أن أكثر المهووسين بكرة القدم لن يصمدوا أمام تسعين دقيقة من اللعب في مباراة كان يُسمح للحارس بمسك الكرة العائدة من زملائه، بل أن الضالعين في الهوس هم أكثر من يستفزهم هذا المشهد الذي كان يكلف من كل مباراة دقائق مجانية من السأم، بل واعتقد ان كل متابع حصيف لكرة القدم يعتقد ان قرارا كهذا كان يفترض أن يكون بديهياً من أوائل أنظمة اللعبة، لكنه تأخر أكثر من 60عاما من انطلاقة المونديال الأول لكأس العالم. على النقيض هناك قرارات أخرى اتُخذت على سبيل مضاعفة إثارة كرة القدم، لكنها أفرزت نتائج كارثية، فالهدف الذهبي ثم الماسي وكل ما أسبغ عليه الفيفا من أسماء فلزية كان من الإضافات المريرة على سيناريوهات مباريات الكرة، وبدا أن مرارة ركلات الترجيح أحلى من علقم الخسارة بالسكتة. هذا العام يُنبئ بتغيرات مقبلة، جذرية ربما في قوانين كرة القدم، فاعتماد خمسة حكام في بطولة أوروبا الحالية هو بمثابة اعتماد لمسودة قرار شابه التردد وفي طريقه ليصبح نافذا على كل البطولات التي تشرف عليها الفيفا، بلاتر ومع كل كرة تتجاوز خط المرمى وتغفل عنها أعين الحكام يزداد قناعة وحتمية بضرورة تدخل التقنية لحسم الجدل، تكنولوجيا عين الصقر التي بدأ تطبيقها في الكريكت والتنس الأرضي مع بداية الألفية الثالثة حضرت في ويمبلي مؤخراً في مباراة بلجيكا وانجلترا الودية، هذه الإضافة التي وصفها جون ماكنرو أسطورة التنس العالمي، بأنها الإضافة الأهم في قوانين لعبة كرة التنس، وكانت مجلة CaughtOffside البريطانية قد أفردت ملفا للأخطاء العشرة الأكثر كارثية في تاريخ مسابقات كأس العالم، جاءت منها ثلاث حالات لكرات عبرت الخط، هذا هو مبرر الفيفا لتكثيف الرقابة الأمنية على خط المرمى إذ كان سبباً رئيساً في ثلث مآسي التحكيم الكبرى طبقا للمجلة. أمر آخر يعزز الرهان على التغيرات، أن بلاتر تحول من التلميح الى التصريح والنقد العلني لأسلوب ضربات الترجيح، التصريح الأخير تزامن مع فوز تشيلسي ببطولة الأندية الأوربية متفوقا بضربات الترجيح على بايرن ميونخ الذي بدوره وصل للنهائي متفوقا على ريال مدريد بالطريقة ذاتها، فلسفة السويسري الناقدة لضربات الترجيح ليست كروية بحته ولا تتعلق إطلاقا بتشجيع الكرة الهجومية، هي فقط تحاول تكريس الجماعية في اللعبة وتقليص مستوى المواجهات الفردية لحده الأدنى، بلاتر ليس مع الإلغاء لكنه ناشد عضو لجنة تغيير القوانين في الفيفا بيكنباور إيجاد الحل. وبذكر بيكنباور فهو من أكثر المتحمسين للتغيير، وعلى مدار السنة الماضية كاشف الإعلام أكثر من مرة تحفظاته على بعض الاستحداثات القانونية في كرة القدم، فهو ينتقد التعقيدات التي أضيفت لقانون التسلل ويرى مثالاً أن إعطاء الحكم حرية تقدير تداخل لاعب متسلل في الهجمة من عدمه زاد من الفوضى، كما انه وعلى خلفية المباراة الافتتاحية لبطولة أوروبا الحالية للمنتخبات التي غادرها حارس بولندا تشيزيني مطروداً، طالب بتعليق ازدواج العقوبات للأخطاء غير المؤذية داخل منطقة الجزاء والاكتفاء بضربة جزاء دوناً عن الطرد. بيكنباور أيضا وعلى ضوء توصيات طبية اقترح إضافة تغيير رابع يستخدم في الأشواط الإضافية. مجموعة(كرة قدم 2014) التي يرأسها بلاتر (76 سنة) وتضم في عضويتها بيكنباور(67 سنة)، التي شُكّلت لإجراء تغييرات في قوانين اللعبة، وتستهدف مونديال البرازيل موعداً لانجاز مقترحاتها، ستواجه صعوبات في تعميد توصياتها، إذ إن الفيفا ليست الجهة المخولة لإجازة القوانين الجديدة، بل ال (آيفاب) او ما تعرف بالهيئة الدولية لكرة القدم التي تأسست في العام 1886 وتعتمد فيها اللوائح الجديدة لكرة القدم، وهي جهة منفصلة عن الفيفا يحظى فيها بالعضوية في الهيئة وليس السيادة ويؤخذ فيها صوت الفيفا كواحد من ضمن خمسة اعضاء. هذه الشعبية الجارفة للمستديرة تجعل من الصعب قطعاً تحديد الثابت والمتحرك في قوانينها، وما الذي من شأنه ان يجعل جريانها أكثر سلاسة أو أكثر تعقيداً. * استراليا