يمثل نوم القيلولة تقليدا أسبانيا مثل رقصة الفلامنكو أو مصارعة الثيران إلا أنها معرضة للخطر في الوقت الحالي. وتظهر الدراسات أن ضغوط الحياة الحديثة وأجواء العمل التي يسودها التنافس تؤثر سلبا على فترة القيلولة لدرجة أن ربع الاسبان فقط يجدون وقتا للقيلولة في فترة بعد الظهر. وتقدمت لجنة تضم أعضاء في الحكومة وممثلين عن القطاع الخاص باقتراح في الآونة الاخيرة بأن تجعل أسبانيا معدل ساعات العمل فيها مثل معدل ساعات العمل في باقي الدول الاوروبية. إلا أن من ينظرون إلى القيلولة على أنها فترة تراخٍ وكسل ليسوا على صواب حيث يؤكد الخبراء أن القيلولة تساعد بالفعل على رفع الانتاجية في العمل. ويدعي الاسبان أنهم أول من بدأ تقليد نوم فترة القيلولة حيث تغلق المحلات التجارية أبوابها بين الساعة الثانية والخامسة والنصف عصرا وتبدو شوارع القرى مهجورة خاصة في أيام الصيف الاسباني شديد الحرارة. ويمكن رؤية الاسبان مستلقين على المقاعد الطويلة في الشوارع أو في السيارات الواقفة في حين يأخذ آخرون القيلولة أمام التليفزيون ويذهب البعض الآخر إلى مضجعه للاستمتاع بفترة قيلولة متكاملة. وعلى الجانب الآخر يصف بعض الخبراء الاقتصاديين هذه السلوكيات بالكسل الذي لا يمكن الصفح عنه مما دفع العديد من المحال التجارية إلى عدم إغلاق أبوابها قبل انتهاء ساعات العمل في الثامنة مساء أي بعد معدل انتهاء ساعات العمل في الدول الاوروبية الاخرى في الساعة الخامسة أو السادسة مساء. وذكرت لجنة مستقلة تهدف إلى تقليل مدة ساعات العمل في أسبانيا أن الوقت قد حان بالنسبة للاسبان حتى يحذون حذو غيرهم من الاوروبيين في هذا الصدد. وتقول اللجنة إن مثل هذا الاجراء سيؤدي إلى رفع الانتاجية على أن البعض يخشى أن يستغل الاسبان هذا الامر لمد فترة القيلولة أطول من اللازم. وتشير الدراسات إلى أن الاسبان ينامون بالفعل فترات تقل عن غيرهم من الاوروبيين بحوالي 40 دقيقة. وبعيدا عمن ينظرون إلى القيلولة على أنها مؤشرا على الكسل يزداد اهتمام الخبراء الدوليين بها باعتبارها وسيلة لانعاش الصحة ورفع الانتاجية. لقد كان الجيل الاول من البشر في أفريقيا يشعرون بالاعياء أوقات العصر الحارة لذا يرى الباحثون أن الانسان حتى الآن لم يستطع التكيف مع أكثر الاوقات حرارة في اليوم. كما يربط البعض بين حالة الخمول التي تعقب الغذاء بعملية هضم الطعام. فمن المعروف أن قلة النوم تؤثر سلبا على القدرة على الكلام والتركيز واسترجاع الذاكرة. وتظهر دراسة أجرتها جامعة هارفارد أن المخ توحد أثناء النوم التجارب التي عاشها الانسان في اليقظة. بل إن العديد من الحوادث التي تقع نهارا تحدث أثناء فترة القيلولة وقد تؤدي راحة الجسم إلى إطالة أعمار المصابين بمشاكل في القلب. ويوما بعد يوم يدرك عالم الاعمال أن التحايل على ضرورة إراحة الجسم بشرب المنبهات مثل القهوة والشاي لن يجدي نفعا واضطرت بعض الشركات الامريكية إلى تزويد موظفيها بمقاعد طويلة يمكنهم الاستلقاء عليها لنوم القيلولة. وتفيد الدراسة التي أجرتها هارفارد أن النوم لفترات قليلة بعد الظهر يرفع درجة النشاط ويزيد من إنتاجية الفرد. ويقول الخبراء إن القيلولة قد تكون حلا مثاليا لقلة فترات النوم في المجتمعات الصناعية. ويقول خبراء أسبان إن القيلولة مع ذلك تشمل النوم لفترة محددة لا تتعدى عشرين دقيقة لأن النوم لفترة أطول يجعل الاشخاص يشعرون بالتعب كما يؤثر على عدد ساعات النوم الاساسية بالليل.