في الوقت الذي ابدت من خلاله شركات ومستثمرون سعوديون رغبتهم الجادة بالاستثمار الزراعي الخارجي عقب موافقة مجلس الوزراء الموقر على ذلك خلال ترؤس خادم الحرمين الشريفين الجلسة التي عقدت الاثنين الفائت، يرتب حالياً صندوق التنمية الزراعية الاجراءات المتعلقة بذلك بتسهيل حصول الراغبين على القروض الميسرة. ويعد تمويل الصندوق لتلك القروض ترجمة للآلية الخاصة بمبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للاستثمار الزراعي الخارجي المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي الوطني والعالمي وبناء شراكات تكاملية مع عدد من الدول في مختلف أنحاء العالم ذات مقومات وإمكانات زراعية عالية لتنمية وإدارة الاستثمارات الزراعية في عدد من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية بكميات كافية، وأسعار مستقرة. إلى جانب ضمان استدامتها بحسب دراسة لمنتدى الرياض الاقتصادي، التي تشير الى أن المملكة العربية السعودية تعاني ندرة الموارد المائية، والأراضي الصالحة للزراعة، والمصحوبة في نفس الوقت بتزايد عدد السكان، وبالتالي زيادة الطلب على المواد الغذائية، وارتفاع أسعارها. إلى ذلك أكد معالي وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم أن هناك كثيرا من الدول الخارجية التي ترحب بتواجد المستثمر السعودي، حيث جاب الوزير عددا من الدول التي تمتلك مقومات زراعية، ولديها الامكانات التي تسهم في نجاح استثمارات سعودية. يشار الى أن مجلس الوزراء وافق على مجموعة من الضوابط الخاصة بدعم الاستثمار الزراعي الخارجي، من بينها أن تكون السلعة المراد إنتاجها والبلد مستضيف الاستثمار، ضمن إطار مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي في الخارج، وأن يقدم المستثمر دراسة جدوى متكاملة للمشاريع المقترحة تعدها جهة استشارية متخصصة ملمة بالاستثمار في البلد المستهدف، وألا يتجاوز حجم التمويل 60% من حجم الاستثمار وفق دراسة الجدوى، وأن يكون للمستثمر السعودي وفقاً لقوانين البلد المستهدف بالزراعة في الخارج، الحق في تصدير نسبة لا تقل عن (50%) من إنتاجه إلى سوق المملكة، كما يجوز الاستفادة من المعدات التي لدى المزارعين بالداخل في الاستثمار الزراعي في الخارج، ونقل ما عليها من قروض إلى ذمة المستفيد منها. وفي ذات التوجه؛ اشادت المنظمة العربية للتنمية الزراعية خلال المنتدى الدوري للزراعة والغذاء الذي عقدته مؤخرا بالعاصمة السودانية "الخرطوم" بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للاستثمار الزراعي السعودي بالخارج، ونقل عن وكيل وزارة الزراعة لشئون الأبحاث والتنمية الزراعية الدكتور عبدالله بن عبدالله العبيد في المنتدى - الذى خصص للتدوال حول المبادرة القول "أن المبادرة ركزت على أهمية الأمن الغذائي لكل الدول، حيث باتت قضية الأمن الغذائي مثارة على المستوى الدولي". وزير الزراعة خلال لقاءاته الخارجية ويؤكد المشاركون "أن هدف المبادرة تشجيع المستثمرين السعوديين لاستثمار مجد، وتوظيف امكاناتهم خارجيا في ظل الدعم الحكومي، وإن المبادرة تعكس صورة من التحرك السعودي المميز في ظل ما تعانيه كثير من الدول، والانعكاسات السلبية التي أحدثتها الأزمة الغذائية العالمية التي شهدها موسم 2007 - 2008م، وألقت بظلالها على كثير من المناطق وأفضت الى كثير من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأن الدول النامية بدأت تستشعر أهمية جلب الاستثمارات الدولية لعدم قدرتها علي تحريك مواردها المحلية لزيادة الإنتاج الزراعي، وأن المملكة اتخذت كثيرا من الإصلاحات للتصدي لأزمة الغذاء، وتوفير الاحتياجات الغذائية للمواطن، وتوفير السلع الغذائية، إضافة إلي دراسة مصادر الأمن الغذائي ودعم الإنتاج المحلي". ولابد من التأكيد بأن الاستثمار في المجال الزراعي قد ثبت تأثيره الواضح والكبير في الموارد الأخرى المختلفة أينما وجد، بحسب سمير بن علي قباني رئيس اللجنة الزراعية في الغرفة التجارية بالرياض، حيث شدد مجددا بأنه في معظم المناطق التي استقبلت الاستثمارات في القطاع الزراعي حظيت بفوائد ملموسة، من أهمها فرص الوصول للتسهيلات المالية، التقنيات الحديثة المختلفة بما فيها المهارات المتعددة ، زيادة مستوى التوظيف والأشغال، زيادة الانتاجية لنفس المساحات، تأسيس وإيجاد سلسله من الروابط والفرص الأمامية والخلفية المرتبطة بالاستثمار الزراعي ، وبالتالي التأثير الايجابي العام على الاستقرار الاجتماعي. الجدير الذكر وبحسب منتدى الرياض الاقتصادي، وقبل حوالي أربع سنوات، واجه العالم نقصا ملحوظا في عرض السلع الغذائية الأساسية، في ظل زيادة الطلب عليها، ما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع والمواد الغذائية، وتزامنه مع انخفاض مخزونات العالم والطلب المتزايد للغذاء، وكذلك انخفاض الإنتاج العالمي للحبوب، كما ساهمت الظروف الطبيعية غير الملائمة، وآثار التغير المناخي، وموجات الجفاف، والصقيع المتبادلة التي ضربت أجزاء كثيرة من العالم خلال العامين الماضيين في إتلاف جزء كبير من الحبوب الغذائية في بعض الدول الزراعية الكبرى مثل استراليا والصين والأرجنتين والهند، وهذا الأمر أثر على حجم المعروض من السلع الغذائية، فارتفعت أسعارها العالمية، وبالتالي يصبح من الضروري الاحتفاظ بمخزون استراتيجي، يكفي الاستهلاك المحلي لمدة ستة شهور على الأقل وبصفة مستمرة. ويقول الدكتور عبدالله باعشن رئيس مجلس المديرين في شركة تيم ون والتي تتولى الاستشارات الاقتصادية والمالية لكثير من الشركات المحلية والدولية "انجزنا الدراسة الشاملة لأكثر من 32 دولة زراعية حول العالم وتمت مفاضلتها حسب المناخ الاستثماري المناسب، وتم التوصية باختيار بعض الدول وهي: كازاخستان، تركيا، اندونيسيا، إثيوبيا، السودان، وذلك من اجل الاستثمار في عدد من المحاصيل الزراعية، أهمها الحبوب والأرز والأعلاف وتسمين الماشية، ولكل دولة خصائص معينة، لكنه نبه بقوله "إن ابرز العوائق التي تعترض شركات الاستثمار في المجال الزراعي في الخارج هو الاستعجال في عملية الاستثمار وعدم معرفة البلد المستضيف بشكل جيد". وارت تلك الدراسة المحكمة؛ أن تكون الاستثمارات طويلة المدى «عن طريق التملك، أو عقود طويلة الأجل» وحرية اختيار المحاصيل المزروعة، وتوقيع اتفاقيات ثنائية مع الدول المعنية تضمن تحقيق أهداف هذه الاستثمارات، ودعم وتشجيع الدولة لهذه الاستثمارات، وتوفر وسهولة وانخفاض تكاليف نقل المحاصيل للسعودية، وأن يتم التخطيط لتلك الاستثمارات وفق المبادئ والمعايير الاستثمارية الزراعية، ومنها الاستثمار في دول جاذبة ذات موارد زراعية واعدة، وأنظمة وحوافز إدارية وحكومية مشجعة، وتصدير المحاصيل المزروعة للمملكة بنسب معقولة. يشار إلى أن قيمة الفجوة الخاصة للمحاصيل الزراعية المهمة بالنظر الى فاتورة الاستيراد التي دفعها بلدان الوطن العربي، جعلت المراقبين يقفون أمام مؤشرات لافته للنظر, فاستيراد تلك الأقطار ما يزيد على أكثر من 54% من احتياجاتها من محاصيل الحبوب، ونحو 63% من الزيوت النباتية، و71% من السكر، وقد شكلت هذه السلع نحو 76% من قيمة فجوة السلع الغذائية الرئيسية. وبالتالي فان النظر الى قيمة الفجوة الغذائية أصبح هاجسا فقد نمت قيمتها ليصل متوسط معدل نمو الفجوة السنوي بلغ نحو 9%، ولتظهر التنبؤات أن تصل إلى حوالي 44 مليار دولار عام 2020م. الاستثمار الزراعي السعودي الخارجي مؤشراته مشجعة