يقول المثل الشعبي "قدر الشراكة ما يفوح"، وتقول التجارب الإدارية الدولية إنه حين تتعدد الجهات الرقابية وتتداخل أعمالها ومهامها، فإن ذلك يؤدي حتما إلى ضعف الرقابة نتيجة لعدم وضوح المسؤوليات. وقد أصبحنا في بعض الأحيان لا ندري من يراقب من ؟، وبخاصة بعد أن دخلت هيئة مكافحة الفساد على الخط لأداء مهام شبيهة جدا بمهام ديوان المراقبة العامة، ويبدو أن من حق كل من الجهتين مراقبة الجهة الأخرى!. وفي الوقت الذي أعطيت وسائل الإعلام مساحة أكبر لمراقبة أداء الأجهزة الحكومية التنفيذية والانتقاد الحاد لبعضها، مع تكرار بعض "المطالبات" يوميا تقريبا، دون أن يلتفت لها أحد فإن دور مجلس الشورى في الجانب الرقابي لا يختلف كثيرا عن دور وسائل الإعلام بما يصدر عنه من "مطالبات" وتوصيات غير ملزمة. وقد "شدد" مجلس الشورى في قراراته الصادرة هذا الأسبوع على تضمين هيئة الرقابة والتحقيق تقاريرها أسباب المخالفات التي تقع فيها الأجهزة الحكومية وكيفية معالجتها، و"طالب" المجلس الهيئة بتجاوز رصد الملاحظات على الأجهزة المشمولة برقابتها إلى مرحلة التحليل وتقصي أسباب المخالفات التي تقع فيها هذه الأجهزة، والتأكد من متابعة تنفيذ الأوامر والتعليمات الصادرة من المقام السامي وتفعليها بدلاً من الاكتفاء بالرصد لتلك المخالفات. وهكذا أصبح الجميع يراقب الجميع دون جدوى، بينما المطلوب هو المحاسبة الحازمة لأي مسؤول يصدر عنه تجاوزات مقصودة والإعلان عن عقوبات رادعة، إذ إن هذا هو الحل الصحيح لتطوير أداء الأجهزة الحكومية ومكافحة الفساد، أما تعدد الأجهزة الرقابية وتداخل مهامها وارتفاع أصواتها ومطالباتها، فهو إن لم يضاعف حجم المشاكل فهو بالتأكيد لن يحلها.