كشف تقرير لمنظمة "الفاو" أنّ المملكة تحتل المركز الثالث عربياً وال(68) عالمياً من إجمالي (177) دولة في الإستهلاك السنوي للحوم، موضحةً أنّ استهلاك الفرد في المملكة من اللحوم يبلغ (52.3) كجم سنوياً، في حين أنّ إجمالي الإستهلاك في المملكة يبلغ (1.330.000) طن سنوياً، وفي ظل هذا الإستهلاك الكبير للحوم تعاني أسواق الماشية بمدن المملكة من فوضى بإدارة الأسعار ومراقبة الغش والمحافظة على الصحة العامة للمواطنين والثروة الحيوانية، ولذا يدفع المشتري غياب التنظيم؛ بخسارة قيمة ذبيحته أو ناقته كونه اشتراها لتيفاجأ بأنّها غير صالحة للإستهلاك الآدمي ليتم إعدامها، وإزاء هذا يرى الكثير من المختصين ضرورة إيجاد فرق طبية بيطرية تتواجد بصورة مستمرة في أسواق بيع الماشية؛ حفاظاً على الصحة العامة والثروة الحيوانية. أمراض عدة لا يمكن اكتشافها بعد الذبح.. والضحية المستهلك صمام الأمان بدايةً بيّن "د.أحمد بن محمد اللويمي" -بروفيسور في كلية الطب البيطري بجامعة الملك فيصل ورئيس الجمعية الطبية البيطرية السعودية- أنّ المكان الذي تباع به الماشية في أغلب الأسواق يكون فيه اتصال مباشر بين المشتري والحيوانات، وذلك لطبيعة الثقة المفقودة بين العميل والبائع، لافتاً إلى أنّ هذا الإتصال المباشر يخلق احتمالين بنقل العدوى للماشية من خلال ملابس وأحذية وأنفاس المشتري، خصوصاً وأنّ المشتري لا يكتفي بالشراء من أول مكان يقصده بل يتجول في السوق؛ مما يجعله ناقلا للعدوى من حظيرة إلى أخرى، أو انتقال العدوى من الماشية إلى المشتري من خلال بعض الأمراض المنتقلة من الحيوان إلى الإنسان، وقد تكون تلك الأمراض ذات فترة حضانة طويلة الأجل لا تظهر عليها الأعراض بسرعة، مشدداً على ضرورة وضع تنظيم يحد دخول المشتري إلى حظائر الماشية والاكتفاء بالإطلاع على المواصفات المطلوبة من خلال العرض في حلبة خاصة أو استخدام الوسائل التقنية المستخدمة بأسواق العالم، إضافةً إلى إصدار قوانين للتأكد من سلامة الماشية أو أعلافها من أي تلوث إشعاعي أو تسمم بالمعادن الثقيلة، من خلال إنشاء مختبرات متخصصة في أسواق الماشية أو الاستعانة بمختبرات مرجعية، مشيراً إلى أنّ هذه الإجراءات وقائية موسمية، وأنّ الطبيب البيطري في سوق الماشية هو صمّام الأمان لحماية المستهلك والمستثمر من أي جائحة مرضية. وجود طبيب بيطري بشكل دائم في السوق يحفظ حق الجميع تنظيم الأسواق ولفت "د.عمر الصالح" -أخصائي بيطري- إلى أنّ تنظيم أسواق الماشية أصبح ضرورياً في ظل انتقال الأمراض السريع من مختلف بقاع العالم وتزايد التلوث الإشعاعي، داعياً أن يشتمل التنظيم عدداً من الإجراءات وأهمها تصميم أسواق ماشية حديثة ذات أسوار وبوابات تنظم دخول وخروج القطعان تحت رقابة بيطرية وتجارية محكمة من قبل وزارة الزراعة والتجارة، ويتم من خلالها تحديد كل صنف ببطاقة تعريفية الكترونية معلقة بإذن الماشية ونوع التطعيمات والإجراءات الصحية. جزار المسلخ لا يملك القدرة الكافية على اكتشاف بعض أمراض المواشي انتقال العدوى وذكر "د.محمود فايز" -أخصائي باكتريولوجي- أنّ بعض الأمراض يمكن اكتشافها من خلال النظر كالحمى القلاعية التي يحملها الحيوان دون أن تظهر عليه أي أعراض مرضية وبالتالي انتشارها في بقية الحيوانات، إلاّ أنّ الطبيب البيطري المتواجد في السوق يمكنه كشف المرض بالنظر من خلال تخصصه وخبرته، إضافةً إلى الأمراض الجلدية والأمراض المحدثة لإفرازات الأنف والفم والعين والأمراض ذات العلامات من خلال الإسهال أو تنفس الحيوان وصوته، فالكشف الظاهري مهم إلاّ أنّ وجود مختبر صغير أو بسيط في الأسواق أهم كون بعض الأمراض لا بد من فحصها مخبرياً، موضحاً أنّ وجود البيطري يمكن أن يقلل من انتشار المرض من خلال الاكتشاف المبكر للحالة، مبيناً أنّ هناك العديد من الأمراض يمكن كشفها من خلال عين المتخصص، منوهاً بأنّ بعض المربين يحضرون ماشيتهم لبيعها في السوق ومن ثم يعودون بها إلى مزارعهم دون بيعها، وفي حالات كثييرة تكون تلك الماشية قد أصيبت خلال تواجدها في السوق بمرض وينقل العدوى لبقية ماشيته السليمة. بعض المربين يحضر مواشيه للسوق ويتفاجأ بإصابتها بالمرض بعد عودتها للحظائر أمراض قاتلة وكشف "د.ابراهيم بن عبدالرحمن الملحم" -أخصائي فيروسات حيوانية وتشخيص الأمراض المنتقلة للإنسان- عن وجود أمراض قاتلة للإنسان مصدرها الحيوان منها "الحمى القلاعية" و"داء الكلب"؛ وهو مرض خطير قاتل يصيب الحيوانات ناجم عن عضة كلب، ومرض "السالمونيلا" التي تصيب الدواجن والبيض، مضيفاً أنّ التشخيص النظري للأمراض يمكن أن يكشف (60–70%) من الأمراض، مشدداً على ضرورة وجود مختبر بسيط للكشف عن الأمراض الرئيسية التي تنتقل للإنسان، حيث إنّ بعض المشترين لا يذهبون إلى المسالخ الرسمية وإنما يذبحون ماشيتهم في المزارع الخاصة أو في منازلهم أو أماكن نزهاتهم، وهنا تكمن الخطورة في ذبح ماشية مريضة دون الكشف عليها، مؤكداً على أنّ الطبيب البيطري هو خط الدفاع الأول للأمراض التي تنتقل للإنسان، داعياً إلى إنشاء وحدة بيطرية دائمة في السوق ذات طابع إشرافي رقابي وليس علاجي تلعب دور التأكد من صحة شهادات المنشأ للماشية وخلوها من الأمراض، كما تمنع خروج و دخول أي حيوان في أوقات انتشار الأمراض الوبائية، وتنفيذ إجراءات وقائية على أسواق الماشية لحماية المستثمر من نفوق ماشيته والمستهلك من شراء ماشية مصابة، إضافةً إلى إيجاد نقاط بيع معروفة بحيث يضمن المشتري حقوقه في حال قرر الأطباء إعدام الذبيحة، مشدداً على أهمية تواجد فرع لجهة حكومية أو مؤسسة أهلية تضم فرق بيطري متكامل وبصورة دائمة في السوق. حظائر المواشي تحتاج إلى رقابة بيطرية منعاً لانتقال المرض مهام ميدانية وأيّد "د.قاسم بن عبدالكريم الهزوم" -مدير إدارة المسالخ بأمانة الاحساء- فكرة وجود دائم للطبيب البيطري بأسواق الماشية، مبيناً أنّ وجوده يمكنه من كشف الحيوانات المُصابة بأمراض تجعلها غير صالحة للإستهلاك الآدمي، ويتعرف على الحيوانات المُعالجة بالمضادات الحيوية والعقاقير الكيميائية والمبيدات الحشرية، والتعرف على الحيوانات المصابة بأمراض لا يتم اكتشافها إلاّ بالفحص قبل الذبح لكونها لا تسبب آفات تشريحية واضحة للعيان، ك"سعار داء الكلب" و"الكزاز" و "التيتانوس" الذي قد يؤدي إلى ظهور أعراض في الحيوان الحي ولا يمكن التعرف عليها عند فحص اللحم والأحشاء بعد الذبح، إضافةً إلى اكتشاف الحيوانات المصابة بأمراض قد تنتقل إلى العاملين بالمسلخ ك"القراع الجلدي"، ومساهمته في تنظيم الذبح الإضطراري للحيوانات. د.قاسم الهزوم أكثر من دور وأشار "د.عبدالاله المرزوق" -أخصائي صحة الحيوان- إلى أنّ أهمية تواجد الطبيب البيطري في سوق الماشية تكمن في اكتشاف الأمراض من بدايتها بملاحظة أعراض المرض الخطرة، مضيفاً أنّه يمكن أن يلعب دورا إرشاديا للمربين في التحصين ضد الأمراض الوبائية، وإرشاديا وتوعويا في التغذية للحيوانات، مبيناً أنّ غياب البيطري عن الأسواق أفرز التأخر في حل المشكلات الصحية الطارئة على السوق. لا حاجة للطبيب ورأى "د.صلاح الهاجري" -أخصائي بيطري- أنّه لا ضرورة لتواجد الطبيب البيطري في سوق الماشية إلاّ في حالة انتشار مرض وبائي معد يتطلب إجراءات معينه في السوق، حيث تتواجد فرق بيطرية بسوق الماشية استكشافاً للحيوانات المصابة أو في حالة الاستقصاء الوبائي الذي تنفذه الجهات المختصة بشكل دوري للتأكد من عدم تسرب أمراض معينة، مبيناً أنّ الأمراض الوبائية تنتشر بسرعة والجهات البيطرية تتخذ إجراءات مناسبة، وفي بعض الحالات يتم إغلاق السوق ويمنع بيع الحيوانات إلى أن تتم السيطرة على المرض. د.محمود فايز غش العمالة وأوضح "علي المهدي" -تاجر ماشية- أنّ جانباً مخفياً انتشر في أسواق الماشية تمثّل في العمالة الوافدة التي تبيع الماشية المريضة، كاشفاً أنّ بعض الملاحم والمطاعم تساعد في عملية الغش تلك، عبر التنسيق مع العمالة الأجنبية لشراء رؤوس مريضة غير صالحة للإسهلاك الآدمي بسعر أقل، مؤيداً وجود طبيب بيطري في أسواق الماشية، معتبراً أنّها خطوة ممتازة لو طبقت، لكونها تحمي حقوق المشتري، مستدركاً أنّ الطبيب في حال وجوده في السوق لن يستطيع اكتشاف ذلك لأن المخالفين يبيعون مواشيهم المريضة في الخفاء، وهو الأمر الذي ينبغي أخذه بعين الاعتبار في حال إقرار نظام يتعلق بهذا الموضوع. د.صلاح الهاجري د.أحمد اللويمي د.عبدالاله المرزوق علي المهدي د.ابراهيم الملحم