من يردد أن السعر العادل لبرميل النفط (100 دولار) كمن يردد مقولة سعد الفرج "بسّك يا حسين افلوس". ولا يُعرف على وجه التحديد المعايير والمؤشرات الاقتصادية التي بنى عيها البعض هذا الاعتقاد عدا تصريحات معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي في 13 مايو 2012م التي قال فيها: [إن 100 دولار للبرميل سعر رائع]. في حين يتضح من مقارنة الأسعار الجارية للنفط الخام بالأسعار الجارية للسلع الأساسية وخاصة الذهب أن معظم الارتفاعات التي سجلتها أسعار النفط الخام منذ يناير 2009م أقل بكثير من تدهور قيمة الدولار الأمريكي (ومعظم العملات العالمية نتيجةً للتضخم النقدي). وإذا قارنا سعر النفط بسعر الذهب نجد أن برميل النفط بالأسعار الحالية (120.5 دولارا في أبريل 2012م) يساوي 2.07 جرام من الذهب، في حين أن متوسط قيمة برميل النفط الخام مقابل الذهب يساوي 2.85 جرام من الذهب خلال الفترة من عام 2000م إلى 2005م. وإذا سلّمنا بأن قيمة برميل النفط الخام لا تقل عن هذا المقدار من الذهب؛ فإن السعر العادل للنفط يجب ألا يقل عن 165.6 دولارا للبرميل. بل إن متوسط قيمة برميل النفط تعادل 2,63 جرام من الذهب خلال تلك الفترة من يناير 2000م إلى أبريل 2012م، أي أن متوسط سعر برميل النفط المقوم بالذهب يعادل 153,4 دولارا للبرميل بالأسعار الجارية . وبالرغم من أن سعر مزيج برنت بلغ 120.6 دولارا للبرميل في أبريل 2012م، إلا أن القيمة الحقيقية للبرميل لا تتجاوز 20,3 دولارا حسب المستوى العام للأسعار في عام 1970م، و43,2 دولارا حسب المستوى العام للأسعار لعام 1980م.والأسعار الجارية للنفط لا تمثل خطراً على نمو الاقتصاد العالمي، لأن التقدم التقني خلال الثلاثين عاماً الماضية ساهم بشكل فعّال في ترشيد استهلاك الطاقة ورفع الكفاءة الإنتاجية. وهذا ما يفسّر عدم حدوث أزمة طاقة عالمية في عام 2008م عندما تجاوزت أسعار النفط 140 دولارا، ولم تؤثر هذه الأسعار سلباً على معدل نمو الاقتصاد العالمي. وقد ذكر السيد بوب دادلي "Bob Dudley" المدير التنفيذي لمجموعة (British Petroleum – BP) في الكلمة التي ألقاها في مؤتمر البترول العالمي (ديسمبر 2011م) أنه بالرغم من أن أسعار النفط في عام 2011م هي الأعلى تاريخياً (سواءً بالأسعار الجارية أو القيمة الحقيقية)، إلا أنه لا يُعرف على وجه التحديد مستوى أسعار النفط التي قد تؤثر سلباً على معدل نمو الاقتصاد العالمي. وأشار إلى أنه من المفارقات أن الطلب يتزايد على النفط بالرغم من أن حصته في بدائل الطاقة تتراجع. وأكد السيد بوب دادلي على أن مستقبل صناعة النفط والاقتصاد العالمي مرهونان بقدرة المملكة العربية السعودية على زيادة قدراتها الانتاجية كل خمس سنوات. وأن الاهتمام باستمرار تدفق النفط لم يعد مقصوراً على الخطط الاستراتيجية بعيدة المدى، بل أصبح من أهم متطلبات المرحلة الحالية. وبالتالي فإن 100 دولار للبرميل قد تكون رائعة وتفي بمتطلبات التنمية للاقتصاد الوطني، لكنها غير كافية لرفع القدرات الانتاجية للمملكة. * مستشار اقتصادي