ظلت تبحث عنه.. ذابت وهي تبحث في مواسم محسوبة.. ومواسم طُويت صفحاتها.. لم يراودها خوف على مصير هذا البحث وجدواه... للمرأة وطنان.. وطن تسكن به.. ووطن تبحث عنه.. تسرد ذلك داخل نفسها... وتشعر بأنها قواعد متفق عليها... رفضت مهادنة الوطن المسكون.. وتواصل بحثها عن بدائل ليست مطروحة.. ولكن قد تأتي وتطرح نفسها ذات يوم.. عندما تصل إليها.. تمضي الحياة ولكن اسوأ ما يمكن أن تعيشه تحول كل لحظاتها إلى فراغ تتعايش معه رغم قساوته.. وإخلاصه في بث المرارة... فراغ مفتوح لا آفاق له تستند عليها عندما تستدعي أحاسيس الألم أن تلامسها.. ولا تاريخ تقرأه لتعيد صياغة ما تتظاهر بأنك تستعذبه وتتواءم معه... لا رسائل من الممكن أن تتلقفها من ذلك الموسم الذي قد يأتي وقد لا يأتي.. ولا صوت مسموعاً يختلط داخلك.. أو حولك.. وبالإمكان ضبط الزمن عليه.. وضبط أيامك القادمة على صداه إن لم تتمكن من محاصرته.. ليست هذه البدايات ولن تكون النهايات وليست اخفاقات تتداعى داخلها أيام ضائعة. ولا هي لحظة بحث مفتوح... قد يُغلق حتى إرادة الزمن.. ويخضع لما يُملى عليه.. ولا هو تفتيش قسري عن رموز غائبة.. وسيخضع البحث عنها لمفاجآت مدوية.. ولا هو إحساس يحتمل التغيير كون البحث عنه يدخلك إلى عالم المستحيلات... انه البحث الدائم.. ولا يقلق عدم وجوده الآن ولا يوجع أنه ورغم فشل الوصول إليه لا يطرح بدائل أخرى... ولا يفتح أبواب المنافي معرفة أن الخطوط العريضة التي كانت تُفسح أمامه بدأ يتضاءل وضوحها.. اكتظاظ ملامح الغياب لا يمكن أن يكون مُقنعاً بأن تلك الجذور التي ضربت في مواسم الحضور الآتي لن تكون... ورسم المشهد كما لو أن حضوره يومي يحتمل أن تتجاوز معه ذلك المشهد الغائب برمته.. تعتاد على العيش مع مواسم الغياب. ونعتاد على الحياة مع الخريف الذي ظل يكتنز كل شهور السنة ولكن ذلك المشهد البعيد الذي وإن كان لا يمكن ضبطه إلا أنه يحمل ملامح صورة مشروع قابل للحياة فقط عليك أن تتفاعل معها بقليل من المتمهل والرؤية وملامسة بداية الطريق مع المحافظة على الهدوء لأن مخاوف ما سيأتي لن تكون بما قُدر لك من تعايش يومي ودوران حول تاريخ لا علاقة لك به لم يحمل سوى اضطراب احداثه وتلفيقها.. وحان الوقت أن تفكر جدياً في تدوير فكرة القراءة وتقليب الصفحات والتخلص من الكتاب وبداية مساءلة تلك اللحظة التي تمنح الحياة لمن يستحقها، ولا يخضع للتسوية الظالمة..