نسمع عن إغلاق صحف غربية اختياريا، والسبب المعلن هو دخولها حقبة الخوض في خصوصيات الناس، أو رصد ما يتفوهون بآلة تسجيل على أمل الحصول على السبق الصحفي. ومتوهّّم من رأى أن أهل المال الإعلامي والمستثمرين في هذا النشاط يخططون، فهذا النوع من النشاط زئبقي لا يستقيم على حال. فالسياسة لها دور، وتبادل السلطة له دور والثورات لها دور، ووصل الأمر إلى القول بأن المافيا تملك من وراء ستار صحفا تهدد بها المحامين والقضاة ورجال مكافحة الجريمة المنظمة. صحافة بريطانيا وكذا الصحافة الأمريكية تصف مأزق قوتيهما بأنه مستنقع. ومن حيث الكلمة أو المفردة لا أتفق مع تلك الصحافة. فالحقيقة أن الدولتين الغربيتين وقعتا في «رمال متحركة» QUAK SANDS وعندي أن هذا التعبير أبلغ. فالمستنقع QUAGMIRE هو الأرض السبخة أما الأولى - الرمال المتحركة - فهي تبتلع من يخاطر بدخولها وتهلكه.. ثم إن الفرق بين «الرمال المتحركة» و«المستنقع» أن الأولى خداعة، أي لا يعرف المقبل عليها خطرها. بينما الكلمة الثانية واضحة وبعض المستنقعات ذات بريق يراه السائر عن بعد. ثم إن المستنقعات تقل في الوطن العربي، وربما كانت أكثر في كوريا وفيتنام..! بينما «الرمال المتحركة» توجد في مناطق كثيرة من أرض العرب. الصحف من بين الملموسات التي أخذت ألقابا وصفت غريبة. فقالوا: الصحافة الصفراء، وقالوا خضراء الدّمنْ. وقالوا الصحف المرتزقة. ولا شيء يحضرني من البضائع التي تدخل المنازل والدكاكين تحمل أسماء وصفات كثيرة كتلك. ولا ينكر أحد أن ثمة زاوية أمان وفوقها مظلة أسباب للإعلامي السياسي الذي يعمل في الصحافة العربية، وهي انه محكوم بمبدأ الاعتدال والحياد في ما يكتب عن بلاده او غيرها، وعليه أن يحمل ميزان القيراط في ما يكتب، وان يحفظ قاموس المصطلحات التي تصلح لكل مقام ومقال. والجاري الآن من النقاش يتناول كثيرا احتمال تضاؤل مكانة الصحافة الورقية أمام طوفان المعلومات الإلكترونية.