شاءت الأقدار أن ألتقي "د.محمد العيسى" في عام 2008م بعد أشهر من تعيينه ملحقاً ثقافياً في واشنطن خلال مؤتمر علمي في "ولاية متشقن"، حيث تضمنت زيارته جولة للاطمئنان على المبتعثين والمبتعثات، وفيما كان يطلّع على أعداد السعوديين التقاه عدد قليل من الطلبة المبتعثين واقتنصوا الفرصة لتقديم شكواهم ضد أحد معاهد اللغة. أكثر من 75 جهة حكومية وخاصة شاركت في يوم المهنة وتتنافس لاستقطاب المتميزين كان مسؤولو الجامعة حوله ويبحثون عن مزيد من المبتعثين، لكن الرجل كان حاسماً وصارماً في موقفة بعد أن طلب منهم رفع مستوى ومعايير الجودة بالأداء داخل المعهد، أو أن تتعامل الملحقية بما قد لا يكون مرضياً لهم؛ مما دفعهم للانصياع لطلبه، وتكرر الموقف مع طلاب الماجستير في إحدى الجامعات ب"أوكلاهوما"؛ ما أدى لتغيير رئيس القسم. تذكرت تلك المواقف وأنا آراه منتشياً فرحاً يوم الجمعة الماضي خلال افتتاح يوم المهنة، وهو يرى ساعة قطف الثمار قد أزفت وتلك البذور التي زرعها منذ سنوات كلفته الكثير من الجهد والعناء والمتابعة قد نضجت.. شعورٌ لا يوصف تشكل على ملامح وجهه، ويمكن لأي شخص قراءته بجلاء، ومن خلاله يمكنني أن أؤكد أن حضوره ليس حضور المسوؤل بل حضور الأب الذي جاء مزهواً ليزف أبناءه الخريجين. لن أشيع سراً إذا ذكرت أنه رجل قيادي يتميز بالوعي الإداري المسؤول، والنظرة الثاقبة تجاه مايجري من حوله رغم حجم المسؤوليات.. عرفته منذ خمس سنوات عاصرت فيها كل التغيرات والتطورات التي تثبت مدى حرصه وعدم كلله وملله من خدمة الطلاب المبتعثين في أمريكا. الحوار التالي يكشف بعضاً من ملامح فرحه بتخريج 6000 مبتعث ومبتعثة، وفيما يلي نصه: د.محمد العيسى مناسبة وطنية * حدثونا عن مشاعركم بمناسبة هذا الزفاف الوطني الكبير أثناء حفل تخريج ستة آلاف مبتعث ومبتعثة؟ - بدايةً، أوجه شكري ل"صحيفة الرياض" على تميزها المستمر وحرصها على تغطية مثل هذه المناسبة الوطنية بتخريج أكثر من ستة آلاف مبتعث ومبتعثة من "برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي" وأجدها فرصة باسمي واسم جميع أبنائه المبتعثين لرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وإلى سمو ولي عهده الأمين الأمير نايف بن عبدالعزيز بهذه المناسبة، حيث وجدت هذه الأعداد الضخمة من الخريجين ثمرة لما يلقاه البرنامج من دعم ومتابعة مستمرة من ولاة الأمر، كما أجدها فرصة لتهنئة "معالي وزير التعليم العالي د.خالد العنقري" ومعالي سفير خادم الحرمين الشريفين عادل الجبير، ومعالي نائب وزير التعليم العالي، وتهنئة أيضاً لجميع الخريجين والخريجات. مبتعثات يواصلن حضورهن المميز والوعي لخدمة وطنهن الدفعة الخامسة * ما الذي تغير خلال الدفعة الخامسة من عمر برنامج الابتعاث عن الدفعات الأخرى؟ - بلا شك أن أعداد الخريجين تتزايد وذلك له انعكاساته على الوطن، حيث إن لدينا أكثر من 66 طبيباً وطبيبة في عدد من التخصصات المهمة والنادرة، إضافة إلى 13 طبيباً وطبيبة أسنان، ومايقارب 18 أخصائيا تنفسيا إلى جانب أعداد الكبيرة في تخصصات الهندسة وعلوم الحاسب وتقنية المعلومات، وغيرها من التخصصات التي يحتاجها سوق العمل. يوم المهنة * ماذا عن افتتاح يوم المهنة ومن الجهات المشاركة؟ - يُعد يوم المهنة هذا العام أكبر يوم مهنة بمشاركة أكثر من 75 جهة ما بين شركات خاصة ومؤسسات حكومية، كما يشارك معنا الراعي الحكومي، و"وزارة الصحة" و"شركة سامبا" الراعي الرئيسي. كما أن يوم المهنة هذه المره يشارك فيه لأول مرة "وزارة الخارجية" و"وزارة الداخلية" و"وزارة الدفاع والطيران" و"المباحث العامة"، وكثير من الجهات الحكومية، إضافة إلى الجامعات الحكومية والأهلية هذا العام لاستقطاب الخريجين والخريجات، إلى جانب إقامة عدد من الندوات على هامش يوم المهنة وحفل التخرج، حيث ستقام ثلاث ندوات إعلامية يشارك فيها عدد من المتخصصين في المملكة منهم على سبيل المثال "د.وليد فتيحي" و"نجيب الزامل" عضو مجلس الشورى. كما يوجد هناك برنامج وجناح خاص لأبنائنا المتميزين والمتميزات يشارك فيه مايقارب 15 طالبا وطالبة من المتميزين والحاصلين على براءات اختراع من المبتعثين في أمريكا، وسبق أن كرمتهم الملحقية أمثال الطالبة "أمل السفياني" و"جلال العويبدي"، إلى جانب جناح ل"عريضة الوفاء لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز" قدمها الطالب "عبدالعزيز الحمدان" باعتبارها أكبر عريضة في العالم ستدخل إن شاء الله "موسوعة جينيس". هاجس وظيفي * هناك هاجس وظيفي بدأ يزيد من قلق المبتعثين هل تتوقعون أن يكون يوم المهنة قادرا على دحض هذه الهواجس؟ - بكل تأكيد ساهم يوم المهنة في تقليص مثل تلك الهواجس ونحن أيضا نحاول قدر الإمكان دعوة أكبر عدد ممكن من الجهات الحكومية، وأيضا من الجامعات الحكومية والقطاع الخاص كوننا أحد أطراف هذه المعادلة بين الخريجين والقطاعات الحكومية والأهلية، وهذا العام أكبر دليل على حجم المشاركات والتي جاوزت 75 جهة حكومية وقطاعات أخرى أهلية من بينها كما أسلفت سابقا وزارات تعتبر هذه المرة الأولى لمشاركتها. يوم المهنة نجح في تأمين وظائف الخريجين ونحن بدورنا نشجع الطلاب المبتعثين على التقديم في هذه الجهات التي قدمت من المملكة لاستقطابهم وإجراء المقابلات في الأماكن المخصصة والتي خصصت لهذا الغرض، وفي نفس الوقت نطلب من الجامعات والجهات المشاركة في يوم المهنة أن يكون الممثلون لهذه الجهات من المتخصصين في الاستقطاب وصانعي القرار حتى تسهل الإجراءات أمام طالبي الوظيفة، نظراً لأن العام الماضي كان لدينا عدد تم توظيفهم يتجاوز ال700. توظيف مشجع الوظائف المتاحة وصلت إلى 5900 وظيفةفي الهندسة والصحة والقانون والتجارة.. * هل فعلاً تم توظيف هذه الأعداد من خلال يوم المهنة العام الماضي؟ - حسب ما عرفت من المسؤولين بالخطوط السعودية خلال العام الماضي أنه تم توظيف 17 طالباً خريجاً، وأتمنى أن تتضاعف الأعداد خلال هذا العام بشكل مشجع وقوي لاستقطاب هذه الأعداد. * كم عدد الفرص الوظيفية المتاحة خلال يوم المهنة بناء على العدد الضخم من الخريجين؟ - الوظائف المتاحة وصلت 5900 وظيفة من الجهات المشاركة خلال يوم المهنة، 26% منها في مجال الهندسة وسلسلة الامدادات، تليها الوظائف الصحية بجميع فروعها بنسبة 24%، ثم وظائف التجارة والقانون بنسبة 19% مقارنة بأعداد الخريجين. إلتحاق بالبعثة * الطلبة المبتعثون على حساب الخاص لازالوا يتطلعون لتسهيل إجراءات إلحاقهم بالبعثه هل هناك توجه لضمهم قريبا؟ - حتى الآن لا يوجد هناك شيء واضح، ولكن توجه الوزارة مساعدة الدارسين على حسابهم الخاص وإلحاقهم بالبعثة، خصوصاً من ثبت أنه جاد وتقاريره الدراسية متميزة الملحقية ترفع أوراقه وتوصي بإلحاقه بالبعثة عن طريق وكالة الوزارة لشوؤن البعثات. وفي خلال الثلاثة أشهر الماضية تم إلحاق أكثر من أربعة آلاف دارس على حسابه الخاص، ونأمل في القريب العاجل أن يتم إلحاق البقية. زمالة طبية * من ضمن الطلبة الخريجين تزفون عدداً من طلاب برنامج الزمالة الطبية ماهي انطباعاتكم عن هذا العدد؟ - بلا شك أن تخريج 66 طبيباً وطبيبة في تخصصات نادرة خلال عام واحد يعتبر بحد ذاته إنجازا لأول مرة يحدث في تاريخ الملحقية، ونحن في عام 2007 كان لدينا عشرة أطباء في برنامج الزمالة واليوم لدينا 1500 طبيب وطبيبة، مما سيكون له انعكاسات إيجابية بكل تأكيد، كما أننا في عام 2007 لم يكن لدينا أي اتفاقيات، واليوم -ولله الحمد- لدينا مايقارب 150 اتفاقية مع المستشفيات الجامعية وكليات الطب، حيث فُتحت آفاق كبيرة لأبنائنا المبتعثين في هذه التخصصات، وبالمناسبة أطباءنا وطبيباتنا خصوصاً خريجي كليات الطب بالمملكة أثبتوا قدرتهم وجدارتهم حيث إن دخول طالب واحد يعطي فرصة لبقية زملائه لما يقدمونه من تجربة جيدة وانطباع رائع ساهم من خلال اثبات جديتهم وقدراتهم العلمية، والحق يقال إن أطباءنا هم من ساعدونا بحكم ما أوجدوه من انطباعات جيدة عززت الثقة ودفعت لمثل هذه الاتفاقيات، ولا أنسى أننا في السابق كان أشبه بالمستحيل أن تجد طبيبا سعوديا يحمل البورد الأمريكي، وإن شاء الله خلال الخمسة أعوام المقبلة سنرى أعداداً كبيرة من هؤلاء الأطباء عائدين لوطنهم بخبراتهم وامتيازاتهم العلمية. برنامج عبقري * بحكم وجودكم في هذا الموقع وتجربتكم السابقة كمبتعث في الولاياتالمتحدةالأمريكية هل تلحظون أي انعكاسات إيجابية لهذا البرنامج؟ - أنا من المؤيدين لهذا البرنامج وأتمنى استمراره، كما أنني دائماً أردد هذا برنامج عبقري من رجل عبقري هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قائد هذا الوطن وصانع نهضته ورجل التنمية الأول، خصوصاً أنه لايوجد دولة أقدمت على مثل هذا البرنامج بهذا الحجم والاستراتيجية الحكيمة، ولدينا في أمريكا الآن أكثر من 84 ألف مبعث ومبتعثة مع مرافقيهم، وفي الدول الأخرى يتجاوزون 150 ألفا، وعندما يكون عندنا مثل هذا العدد بالرغم من كل مايقال، وخصوصاً من غير المنصفين لبرنامج الابتعاث أؤكد لك أن أبناءنا وبناتنا سيعودون لوطنهم بعد أن رسموا صورا مشرقة ومثلوا بلدهم كسفراء وأثبتوا جديتهم وتفوقهم وحققوا العديد من الإنجازات من جامعات متميزة ليكونوا هم الغد المشرق ومن دافعي عجلة التنمية في وطننا في المستقبل القريب. جوانب متعددة * هل ترون أن ما حققوه من انجازات وتجارب محصور بالجانب العلمي؟ - ما حققوه ليس حصراً في الجانب الأكاديمي، بل في شتى المجالات الثقافية والعلمية وكثير من التجارب صنعتهم ودفعتهم للاعتماد على أنفسهم لكي يكونوا حقاً هم الغد المشرق، وخلال زياراتي لكثير من الجامعات الأمريكية يزيدني شرفاً عبارات الثناء التي تقابلني من مسؤولي الجامعات الأمريكية على أبنائنا وبناتنا لما يقدمونه من جهود ملموسة، وذلك يؤكد جديتهم ورغبتهم في التميز. مبتعثون خريجون حصدوا رؤية قائدهم «عبدالله بن عبدالعزيز»