بمجرد أن قررت أن أكتب عن نادي النصر وهو يعيش أزمته الراهنة، التي ما برحته منذ اعوام والتي تشظت أكثر مع الخسارة الثقيلة في نهائي كأس الملك برباعية تزاحمت على باب ذاكرتي كلمات قصيدة نزار قباني الشهيرة "أسألك الرحيلا" التي يقول في مطلعها: لنفترق قليلا.. لخيرِ هذا الحبِّ يا حبيبي وخيرنا.. لنفترق قليلا *** بحقِّ ما لدينا.. من ذِكَرى غاليةٍ كانت على كِلَينا.. بحق حب رائعٍ.. مازال منقوشاً على فمينا مازال محفوراً على يدينا.. *** بحقِّ ذكرياتنا وحزننا الجميلِ وابتسامنا وحبنا الذي غدا أكبرَ من كلامنا أكبرَ من شفاهنا.. بحقِّ أحلى قصة للحبِّ في حياتنا أسألكَ الرحيلا تذكرت هذه القصيدة وأنا أهم بكتابة مقالتي لكنني حتماً بدوت متأثراً بما أسمع، وأقرأ، واستشعر من حال النصراويين الذين بدوا مطالبين رئيس ناديهم الأمير فيصل بن تركي اليوم أكثر من أي وقت آخر بكتابة السطر الأخير في روايته التي خطها بحبر الحب، ساعياً لتسجل نفسه فيها كأحد فرسان النادي المنجزين، إذ حاول ذلك في كل فصل من فصولها؛ تارة بالحلم الوردي، وأخرى بالعمل الجاد، بيد أن رياح الواقع أبت إلا أن تأتي على غير ما تشتهي سفنه، حتى وهو يقف على باب الإنجاز يترقب الخطوة الأخيرة لاقتحامه. ما يؤسف له - حقيقة - أن الأمور لا تبدو مرشحة في المستقبل في حال استمرار الأمير فيصل بن تركي إلى ما هو أفضل، خصوصاً وأنه قد استنفد جميع خياراته، وبدد كل رهاناته، وأضاع كل وعوده، ولم يعد بالإمكان أفضل مما كان، فما لم يتحقق وإدارته تعيش ربيع أيامها، إن مادياً من حيث قدرة الرئيس على توفير السيولة المادية في بداية رئاسته، أو معنوياً من حيث تماسك الإدارة من جهة، وثقة أنصار النادي من جهة أخرى، فكيف بها اليوم وهي تعيش خريف أيامها؟!. الأمير فيصل بن تركي بات اليوم على المحك، فإما أن يرحل طواعية ويبقي خلفه كثيراً من الذكريات الجميلة التي مازالت تحتفظ بها "جماهير الشمس" التي لم تتغن بأحد كما تغنت به، وقبله ب "الرمز"، أو أن يبقى متعنتاً فيبدد كل أرصدته في بنك العشق الجماهيري التي جمعها خلال السنوات التي خدم فيها ناديه عضو شرف أو رئيسا، خصوصاً وأن موارد الدعم الشرفية التي ضخت في النادي في الفترة القليلة الماضية قد تتجفف ينابيعها، وهو ما يتوقع في ظل وجود إجماع نصراوي على حتمية التغيير. يُظلم الأمير فيصل بن تركي حين تختزل تجربته في النصر في خسارة البطولات، فهو قدم للنادي الكثير، ويكفيه أن أعاد الدماء المتجلطة إلى عروقه بل هو من أنقذه بعدما قيل بأنه ميت سريرياً، ويظلم الامير فيصل بن تركي نفسه حين يصر بأنه لا يزال قادراً على تحقيق شيء من رهاناته القديمة، وهو لما يعد يملك شيئاً من أدوات النجاح؛ ولذلك فلا سبيل عن التلاقي في منتصف الطريق بينه وبين الآخر النصراوي الذي بات يسأل "الرحيلا"، لمصلحة الكيان الأصفر.