ولا ريب أن التعليم التقني والفني، يعتبر من الموضوعات المهمة التي ينبغي أن نلتفت إليها، ونبحث عن سبل تحقيقها في واقعنا الاقتصادي والتعليمي.. في مختلف التجارب الاجتماعية والتنموية، ثمة موقع مركزي للتعليم بكل صنوفه ومستوياته.. فلا يمكن أن تتحقق نهضة اجتماعية أو تطور تنموي أو وطني، بدون زيادة وتيرة الاهتمام النوعي والاستراتيجي بالتعليم.. لأنه هو أحد جسور صياغة المستقبل والقبض على أسبابه وعوامله الأساسية.. ولعل من أهم جوانب هذا التعليم، الذي هو بمثابة جسر عبور للتقدم والنهضة في أي مجتمع ووطن، هو جانب التعليم الفني والتقني، الذي يستهدف خلق مهارات وطنية قادرة على تسيير وإدارة دفة التطور التقني والفني في الوطن.. ولا ريب أن التعليم التقني والفني، يعتبر من الموضوعات المهمة التي ينبغي أن نلتفت إليها، ونبحث عن سبل تحقيقها في واقعنا الاقتصادي والتعليمي.. وكما يبدو من مختلف التجارب التعليمية، التي أولت للحقل التعليمي التقني والفني أهمية خاصة، ان عملية استيعاب بعض الطاقات الوطنية في مشروعات ومعاهد وكليات التعليم التقني والفني، يتطلب توفير جملة من القضايا والأمور وهي: التعليم الفني والقيمة الاجتماعية: ثمة حقيقة اجتماعية ينبغي أن لا تغيب عن بالنا، حين التفكير في ظاهرة العزوف عن الالتحاق بمؤسسات التعليم الفني والتقني.. ألا وهي ضمور القيمة الاجتماعية لهذه التخصصات في المحيط الاجتماعي.. ولعل هذا هو أحد الأسباب الرئيسية التي تحول دون اندفاع الكثير من الشباب إلى معاهد وكليات التعليم الفني والتقني.. لذا من الأهمية بمكان، السعي الجاد وعبر مختلف السبل، إلى إعادة الاعتبار الاجتماعي إلى هذا الحقل من التعليم.. لأن تشجيع الشباب على الالتحاق بالتعليم الفني والتقني، بحاجة إلى الإعلاء من شأن المهارات الفنية والتقنية اجتماعياً ومادياً.. وهذا يجعلنا نؤكد على الأمور التالية: 1 – إعادة الاعتبار الاجتماعي والمادي، إلى الحرف والمهارات التقنية والفنية، لأنه هو الخطوة الأولى في طريق التحاق الشباب بمؤسسات التعليم الفني والتقني.. 2- إيجاد المحفزات المادية والوظيفية للتخصصات الفنية والتقنية، حتى تزول الكثير من عوامل التردد، التي تحول دون اندفاع الشباب للالتحاق بالتعليم الفني والتقني.. 3- إشاعة وبث الثقافة والقيم الاجتماعية، التي تقدس العمل، وتعلي من شأن المهنة والحرفة، مهما كانت طبيعتها.. 4 – التركيز على مشروعات تنمية الموارد البشرية، لما لها من دور حيوي في سد حاجات الوطن، على مستوى الكفاءات والقدرات البشرية، القادرة على تسيير وإدارة مسيرة التنمية الوطنية.. العلم قوة إنتاج: وبفعل تعاظم التقنية والتكنولوجيا، وما أحدثته من تغييرات هائلة في ميادين الالكترونيات الدقيقة والحاسبات والإنسان الآلي وصناعة المعلومات والاتصالات والطاقة النووية وتكنولوجيا الفضاء والهندسة الوراثية وتخليق المواد الجديدة، وإحلالها محل المواد الطبيعية القديمة على أساس التكنولوجيا الكيماوية والبتروكيماوية.. توحي كل هذه الأمور بأن العلم النظري والتطبيقي، أضحى قوة إنتاجية هائلة، بحيث انه أصبح القاعدة الأساسية، لكل تطور تقني أو تقدم اقتصادي.. وعلى هدى هذه الحقائق، نحن ينبغي أن ننظر إلى التعليم الفني والتقني، لأنه جزء من مشروع الوطن في إعداد الكفاءات الوطنية المساهمة في مشروعات الإنتاج والتطوير الاقتصادي والتقني.. ولهذا تنظر الدول المتقدمة، إلى التعليم الفني والتقني، باعتباره من الأمور التي لا غنى عنها لنجاحها واستمرار تفوقها الاقتصادي والتقني.. ولذلك نجد في اليابان أن حوالي 8% من منهج المرحلة الثانوية الأولية مخصص للفنون الصناعية وبناء المساكن.. فيأخذ الطلبة 70 ساعة في هذين المجالين سنوياً في الصفين السابع والثامن و105 ساعات في الصف التاسع.. وهناك خمسة منافذ من المعاهد التربوية تعد غير الراغبين في الدراسة الجامعية من الشباب لسوق العمل وهي المدارس الثانوية العليا، الكليات الفنية، الكليات الدنيا، مدارس التدريب المتخصصة، مدارس متنوعة.. وبلغت في الأعوام الأخيرة نسبة الطلبة الملتحقين في المقررات المهنية 31% أغلبهم في البرنامج الفني – الصناعي حوالي000 ,449 طالب أو 2, 18% والبرنامج التجاري حوالي000, 165 أي 7, 6%.. وتتيح هذه المدارس والمعاهد فرصة تنمية المهارات في مجالات الهندسة، الزراعة، والخدمات الصحية، والتمريض والصحة، والتجارة، والاقتصاد المنزلي والثقافة والعلوم الإنسانية.. وتشير الدراسة التي قام بها المركز الياباني لتعيين الخريجين في بداية العقد الماضي إلى أن 65% من عدد المؤسسات التي شملتها الدراسة وعددها 5,200مؤسسة أبدت رغبتها في الحصول على حاجاتها من بين خريجي هذه المدارس.. فالتعليم الفني والتقني في المجتمعات المتقدمة، يحتل موقعا متميزا في الخريطة العامة للمجتمع لما له من دور في التطور الاقتصادي والتقني والعلمي.. ولعل مما يلفت النظر في التجربة التعليمية اليابانية، قدرة النظام التعليمي على فهم المعادلة الصعبة بين التعليم والتدريب من ناحية سوق العمل والعمالة من ناحية أخرى.. وهذا في تقديرنا هو الحلقة الأولى لصنع الدافعية للطلاب، للالتحاق بمعاهد التعليم الفني والتقني هذا من جهة، وإنه المدخل الفعلي لمشاركة التعليم في توفير متطلبات التنمية الوطنية من الطاقات والتخصصات الفنية والتقنية من جهة أخرى.. وهكذا نستطيع أن نقرر: أن التعليم الفني والتقني ضرورة ملحة لبناء الوطن ذي المكانة العالية..