لم يكن أغلب قياديي الحزب الاشتراكي الفرنسي يتوقعون قبل بضع سنوات خلت أن يعود اليسار إلى قصر الإليزيه عبر شخص فرانسوا هولاند. وصحيح أن كل هؤلاء القياديين كانوا يرون ومعهم جانب كبير من الرأي العام الفرنسي أن الفوز على نيكولا ساركوزي يمر بالضرورة عبر شخص آخر يسمى دومينيك ستروسكان مدير عام صندوق النقد الدولي السابق. ولكن مشوار هذا الأخير السياسي توقف فجأة يوم الرابع عشر من شهر مايو من العام الماضي أي يوم تورط ستروسكان في فضيحة أخلاقية في أحد فنادق نيويورك. وحتى لو افترضنا جدلا أن هذه الفضيحة لم تحدث ، فإن مآخذ كثيرة كانت تؤخذ على فرانسوا هولاند منها أنه غير حازم بما فيه الكفاية وأنه عادي جدا حتى يكون رئيس الجمهورية الفرنسية. ومع ذلك فإن فرنسوا هولاند استطاع أن يصنع من المآخذ التي أخذت عليه شعار الحملة الانتخابية الرئاسية التي قادته إلى الرئاسة من خلال تقديم نفسه للفرنسيين على أنه "رجل عادي" وأنه يريد أن يحكم البلاد بشكل عادي. ونجح في فرض هذه المآخذ باعتبارها عنصرا من العناصر التي ساهمت كثيرا في انتصاره. ويقول كثير من المحللين والمراقبين إن الطريقة التي حكم من خلالها نيكولا ساركوزي فرنسا طوال السنوات الخمس الماضية آلمت كثيرا من الفرنسيين لاسيما من خلال أسلوبه الذي بدا أحيانا كثيرة غير ملائم لتقاليد الجمهورية الفرنسية وعاداتها وطقوسها . وهو ما جعل كثيرا من الفرنسيين يمنحون هولاند أصواتهم لا لأنه قادر على إنقاذ البلاد من مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بعصا سحرية بل لأنه بكل بساطة إنسان عادي يسعى إلى احترام الخصم أو هكذا يعتقد كثير من الفرنسيين. وفي باريس كان فرانسوا هولاند طالبا نجيبا متعدد المواهب. ولذلك فإنه استطاع إنهاء دراسته في العلوم السياسية والاقتصادية ومدرسة الإدارة العليا . وفي الجامعة تعرف على سيغولين روايال وعاش معها حتى عام ألفين وسبعة وأنجب منها أربعة أطفال. هولاند تربطه صداقة قوية بشيراك وكان يرغب في الترشح إلى الانتخابات الرئاسية التي جرت عام ألفين وسبعة ولكنه فضل ترك مكانه لسيغولين التي تنافست مع نيكولا ساركوزي في الدورة الثانية منها وهزمت . وينتظر فرانسوا هولاند شهر عسل قصيرا بعد انتخابه كأول رئيس يساري لفرنسا في 17 عاما فيما تنتظر الاسواق المالية مؤشرات واضحة بشأن سياساته ومدى استعداده لتبني خطط قوية لمواجهة اجراءات التقشف التي تقودها المانيا. واستيقظ الفرنسيون على فوز هولاند وظهرت صورته مادا يديه وقد غمرت السعادة وجهه في الصفحات الاولى من الصحف الصباحية. وجاء عنوان صحيفة ليبراسيون ذات الانتماءات اليسارية "عادي!" في اشارة الى صورة الرئيس الجديد على انه رجل من الشعب. كما ستجري عملية نقل السلطة في فرنسا من الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي الى الرئيس المنتخب فرنسوا هولاند في 15 مايو بالاتفاق بينهما، على ما اعلن قصر الاليزيه أمس. واوضح المصدر انه تم الاتفاق على هذا التاريخ بين امين عام رئاسة الجمهورية كزافييه موسكا ومدير حملة هولاند النائب بيار موسكوفيسي، على ان يشارك هولاند اليوم مع ساركوزي في احياء يوم النصر في ذكرى 8 مايو 1945. كما يشارك هولاند صباح اليوم أيضاً في باريس الى جانب ساركوزي في مراسم احياء ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية في الثامن من مايو. وتنتهي ولاية ساركوزي رسميا في منتصف ليل الثلاثاء 15 مايو، وقد تولى مهام الرئاسة في 16 مايو 2007. هولاند في شبابه