وقفنا أول أمس عند القيادة والفضيلة، حيث ستحرق القيادة الفضيلة، لماذا يفترض بنا رجالاً ونساء سوء الظن، أن المرأة إذا قادت سيارة ستكون في وجه الفتنة ووجه المعصية، ولماذا لا يفترض ما هو أصل بالإسلام وهو العفة والبراءة والشرف؟. لماذا نحن دون نساء العالم الغاويات المغويات، واللواتي لن نركب مركبة ألا ونطير بها نحو الفسق والرذيلة، أليس ذلك أفكاً كبيراً، وإذا كانت النساء كذلك (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فذلك يدل على أن رجالنا هم من يسهل الغواية وينصرها، فدائماً الغواية الشيطانية لها طرفان رجل وامرأة. ولعل الكثيرين يذكرون بدايات تعليم الفتيات وما صاحبها من ضجة وخوف، وكان قرار الملك فيصل قراراً حاسماً لا رجعة فيه، وما يهمني في مقالي هذا هو ما قيل وقتها أن الخوف كبير من النساء عندما يتعلمن سيكتبن رسائل غرام. (فقط هذه دائرة الفكر ونطاقه!!!). قد تقود المرأة ولا تقود لكنها في أي زمان ومكان ليست أكرم من السيدات الكريمات الأوائل بالإسلام، وبينهن أمهات المؤمنين اللواتي سيرن الجمال والخيل، وركبن وقدن كثيراً من المراكب؟؟. أليس الفاروق عمر بن الخطاب ولى أمرأة كمسؤولة للأسواق. لو ذهبنا في عمق الصحراء وفي عمق الريف السعودي لوجدنا المرأة تقود السيارة والمحراث وترعى الجمال وتطاردها بواسطة سيارة (الوانيت)، ما كان عيباً ولم يكن عيباً كذلك. لا يخفى على أحد أن معظم السيدات ساكنات المدن المغلقة الحديثة والتي تضم فيما تضم سعوديين وأجانب، تقوم نساؤها بقيادة السيارة، أرامكو مثلاً ورأس تنورة والجبيل الصناعية، هذا ما هو قريب مني وأعرفه. ولا شك أن ذلك ينطبق على غيرها من المدن الأخرى خارج نطاق الشرقية. وهنا نبقى أمام مدن حديثة تقود بها النسوة السيارات، ومدن وبوادي وأرياف تعيش على فطرتها تفعل النساء الشيء نفسه، إذا ما الذي بقي؟ المدن الكبرى، وهذه ليست مسألة صعبة مثلما كان مع تعليم البنات يكون مع القيادة لا عقد ولا مداخلات ولا إضاعة وقت قرار حاسم وينتهي الأمر. على كل يجدر بي أن أشير إلى ما يلي: لا يوجد في نظام المرور شيء يقول ممنوع إعطاء المرأة رخصة قيادة. تحدث أحياناً ظروف معينة تستدعي المرأة للقيادة فتقوم بذلك، ولم تجد لا شرطة المرور ولا الشرطة العادية نظاماً يجرمها. فتترك وشأنها، كذلك لم يحدث أن تصدى أحد لها، بل غالباً ما تصل وجهتها سالمة وغالباً الوجهة هي المستشفى في حالة إنقاذ، ومما يذكر أن إحدى السيدات قامت بإنقاذ كبير أثناء التفجيرات بالرياض. الزميل الدؤوب عبدالعزيز الذكير، كتب في مقاله يوم السبت 11/6 عن سيدتين رأى قيادتهما أمام ناظريه، ولم يتعرض لهما أحد. طبعاً السيدتان من منطقة الرياض حيث يعيش الكاتب. كلنا يعلم وبلا مواربة ولا خوف أن معظم النساء يحملن رخص قيادة من دول عديدة حسب ظروف السفر والإقامة، وبالأخص الدول المجاورة. بل ويقدن في دول كثيرة والمخالفات التي ترتكب عادية ممكن لأي سائق ولو كان متمرساً أن يرتكبها. لعلي أذكر، عندما قامت لا أعادها الله حرب الخليج الثانية رأينا النسوة المجندات من كل حدب وصوب يسقن حاملات الجند والمركبات الضخمة التي تمر لتبيد البشر أمام أعين الجميع معترضين وراغبين لقيادة المرأة ولم تحرك بهم ساكناً. بل حاشرننا في الأسواق والطرقات وبعث مناظرهن الرعب والاشمئزاز في نفوسنا، ولم يتحرك أحد.