دعا مختص في الشأن الاقتصادي والرياضي، إلى أهمية أن تتبني السعودية إستراتيجية جديدة لإنشاء الأندية وطرحها في سياق مشاريع استثمارية يشترك بها القطاع الحكومي والقطاع الخاص، مؤكداً أن يكون الاستثمار الرياضي في الأندية الرياضية مربحاً وبمخاطر قليلة لكون أعداد الأندية الرياضية حالياً قليلة جداّ ولا تتناسب مع أعداد الشباب الكبيرة؛ إضافة إلى أن هناك جيلا قادما من الشباب يرغب أيضاً في ممارسة الرياضة. وأفصح ل "دنيا الرياضة" لاعب كرة القدم السابق في نادي النصر عبدالرحمن بن محمد القحطاني الذي يجمع بين الخبرة الرياضية والتخصص الاقتصادي فهو مدير عام القطاع الإنتاجي بغرفة الرياض، عن دراسة مبسطة أعدها حول استثمار المواهب الشابة في كرة القدم وعنوانها تحت موضوع (وفرة مواهب وعجز أندية)، وفي حوار "دنيا الرياضة" معه المزيد من التفاصيل: * هل تعتقد أن الاستثمار الرياضي في المواهب الشابة بالسعودية سيكون استثماراً مربحاً وناجحاً. - في البداية يجب أن نُذكر قبل الحديث حول النظرة الاستثمارية أن ممارسة الرياضة والتدريبات الرياضية من العوامل الأساسية لتحسين صحة الأفراد واكتساب اللياقة البدنية والوقاية من بعض الأمراض، وأساس لتهذيب النفس والأخلاق، وتقوية للبدن، كما أنها ترتقي بمستوى الفرد على المستويين الخُلُقي والخِلْقي، وقد تحولت الرياضة في العالم من فن يمارسه الهواة وتستمتع بها الشعوب إلى صناعة تقوم على أسس علمية متخصصة في علوم الرياضة والسياسة والاقتصاد والإعلام، تدر مئات المليارات من الدولارات، هذا في حال إيجاد الصيغة الملائمة ووضع الأطر التنظيمية في مجال الاستثمار الرياضي، بما يسمح بجذب المستثمرين وتوفير التمويل للقطاع الرياضي وبما يضمن حقوق المستثمر. الرياض تمتلك 34 نادياً وهي بحاجة إلى 146 نادياً وفي السعودية أتوقع أن يكون الاستثمار الرياضي في الأندية الرياضية مربحاً وبمخاطر قليلة نظراً لأعداد الأندية الرياضية حالياً قليلة جداّ، ولا تتناسب مع أعداد الشباب الكبيرة هذا إضافة إلى أن هناك جيلا قادما من الشباب يرغب أيضاً في ممارسة الرياضة. * بناء على ماذا تم الاستناد بأنها ستكون مربحة ومخاطرها قليلة؟. - من خلال العرض والطلب على الأندية، أجريت دراسة مبسطة تركز في شقين الأول: (العرض والطلب على الأندية الرياضية السعودية) والثاني: (المراكز الرياضية بمدارس وزارة التربية والتعليم)، وبالنسبة للأندية الرياضية في السعوية فالبيانات الواردة عن الأندية الرياضية بالمملكة توضح أن منطقة الرياض تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الأندية الرياضية؛ وذلك بعدد 43 نادياً ونسبة 28.3 بالمئة تقريباً من مجموع عدد الأندية الرياضية السعودية، تليها المنطقة الشرقية بعدد 32 نادياً ونسبة 21% تقريباً، ثم منطقة القصيم بعدد 14نادياً وبنسبة 9.2 بالمئة تقريباً، ثم منطقة مكةالمكرمة بعدد 12 ناديا وبنسبة 7.9 بالمئة تقريباً، وتتوزع بقية الأندية على بقية المناطق وهي نسب لا تتفق مع أعداد السكان وتوزيعهم وكثافتهم في المناطق بصفة عامة، وكثافة الذكور والشباب منهم من دون 15 سنة خصوصا. وبحساب عدد الشباب الذكور (دون 15 سنة) والراغبين في الالتحاق بالأندية الرياضية وتبعا للعدد الأقصى للرياضيين مرتادي النادي (800) شاب بأي حال من الأحوال وتبعا لاحتياجات المناطق من النوادي نجد أن منطقة الرياض تحتاج إلى 146 ناديا رياضيا، ومكةالمكرمة تحتاج إلى 165 ناديا رياضيا، والمنطقة الشرقية 95 نادياً، والقصيم 26 نادياً لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من الشباب السعودي، وبالتالي يمكن القول إن التوجه نحو الاستثمار في الأندية الرياضية سيشهد إقبالا كبيرا من الشباب السعودي؛ إذا توفر له دعم من الدولة من خلال تخصيص الأراضي والتمويل. كما أن انخفاض عدد الأندية الرياضية بالمملكة جاء نتيجة توقف عملية تأسيس وترخيص الأندية الرياضية السعودية بنهاية عام 1404ه، وهي فترة طويلة امتدت إلى (28) عاماً تقريباً، ويبدو هذا "مفهوماً" إلى حد ما في ظل تزايد أعداد السكان وتزايد احتياجاتهم، حيث كان من الضروري والأولوية توجيه موارد البلاد إلى قطاعات أخرى أكثر أهمية وإلحاحاً، أو أن افتقار المتقدمين لتأسيس الأندية لبعض الشروط الملزمة لها أدى إلى توقف الترخيص لأندية جديدة. * وماذا عن المراكز الرياضية بمدارس وزارة التربية والتعليم؟. - ما يسعى ويطمح إليه المهتمون بالرياضة في السعودية استغلال الإمكانات المتوافرة في مدارس وزارة التربية والتعليم لإتاحتها أمام الشباب الراغبين في ممارسة الرياضة، وهو حل جيد ومرحلي لمقابلة احتياجات الجيل الحالي فقط من الشباب لممارسة الرياضة، أما على المستقبل المنظور للعشر السنوات المقبلة فالأمر يختلف تماماً، وللدلالة على ذلك لنأخذ مدينة الرياض أنموذجا لشرح الفكرة حيث عدد المدارس الحكومية الحديثة التي تم بناؤها للبنين في مدينة الرياض ابتداءً من العام 2003م حتى الآن يبلغ عددها 475 مدرسة ولجميع المراحل ويمكنها أن تستوعب أعدادا من الشباب في حدود 95 ألف شاب بمعدل 200 رياضي لكل مدرسة، وبذلك فإنه يتبقى لدينا أعداد لا تستوعبهم هذه المدارس خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن لدينا جيلا صاعدا سيكون عدده على أقل تقدير 663 ألف شاب رياضي في مدينة الرياض فقط. * أنت تتحدث عن أندية خاصة للهواة، وليست أندية محترفين؟. - بالضبط.. وأعني أن يتم إن شاء أندية رياضية تستوعب هذه الأعداد الهائلة، من خلال تشجيع القطاع الخاص عموما وأصحاب المدارس الأهلية والأجنبية بصفة خاصة، على إنشاء وإدارة أندية رياضية تسجل في رعاية الشباب كأندية هواه يحق لها الانتفاع بمقراتها وشعاراتها ووضع رسوم للعضوية ويكون بها جميع الخدمات الترفيهية والمساندة خلاف الملاعب والصالات الرياضية، مع وضع مسابقات خاصة لهذه الأندية كدوري أندية الهواة في بطولات على مستوى المدن بحيث تتكفل رعاية الشباب بجميع نفقات إقامة تلك البطولات والإشراف عليها ووضع أنظمة ومراقبين لها لتكون تلك الأندية في المستقبل رافداً رئيساً ورصيداً لا ينضب من المواهب الرياضية للألعاب الأولمبية السعودية وقطاع الاحتراف في جميع الألعاب. * حول التجارب السابقة دولياً هل لديكم معلومات حول صناعة الرياضة عالمياً ومدى جدواها؟. - سأذكر لكم ما كشفته دراسة علمية في مجلة ''اقتصاديات الرياضة'' الصادرة عام 2005 التي تختص بتحليل إحصائيات الاقتصاد الأميركي بأن حجم الدخل السنوي لقطاع الرياضة في الأندية الأميركية بلغ 212.5 مليار دولار، وهو يمثل ضعف قطاع الصناعة وسبعة أضعاف الإنتاج السينمائي، حيث تطورت صناعة الرياضة وأصبحت من الاقتصاديات المفتوحة، وبلغ دخل الرياضة الأميركية 75.1 مليار دولار، واحتلت صناعة الرياضة المرتبة الخامسة في الاقتصاد الأميركي عام 1999م، وبلغت 155 مليار دولاراً في عام 2003، وتسهم نحو أربعة آلاف شركة لرعاية الأنشطة الرياضية وتصل قيمة المساهمات ملياري دولار وتوفر 275 ألف وظيفة سنوياً، وتضاعفت هذه الأرقام إلى أربعة أضعاف في عام 2010, وبالنظر إلى صناعة الرياضة في اليابان فقد احتلت المرتبة الخامسة، فيما احتلت في إيطاليا المرتبة الثانية؛ كذلك حال الكثير من الدول الأخرى التي أصبحت فيها الاستثمارات الرياضية تصل إلى أرقام فلكية، ويجب أن لا نتعجب من ذلك؛ خصوصا إذا علمنا أن إيرادات بعض أندية العالم مثل ريال مدريد وبرشلونة بلغت في عام واحد فقط نحو 800 مليون يورو. أدعو من خلال جريدتنا المحبوبة "الرياض" إلى ضرورة وأهمية أن تتبني السعودية استراتيجية جديدة لإنشاء الأندية وطرحها في سياق مشاريع استثمارية يشترك بها القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وأن يتم ذلك بعد دراسة مستفيضة لتحديد الاحتياجات والأماكن والأهداف واللوائح التي تيسر قيام مثل تلك الأندية وتفعيل دورها في الارتقاء بشباب الوطن وتوجيههم بعيدا عن مخاطر الفراغ وقلة العمل وتهذيب سلوكياتهم بممارسة الرياضة، وذلك في اتجاه متوازي مع تطوير فكرة استغلال الإمكانيات المتوفرة في المدارس بحيث يمكن استثمارها رياضياً لتلبي الاحتياجات داخل الأحياء.