الأخلاق في كل أمة عنوان مجدها، ورمز سعادتها وتاج كرامتها وشعار عزها وسيادتها وسر نصرها وقوتها فصلاح الأفراد والأمم مردود إلى الإيمان والأخلاق وضعفها امارة على ضعف الإيمان فإن ضاعت الأمة في أخلاقها فقد آذنت بتصدع أركانها وزعزعة أمورها ومكانة الأخلاق في الإسلام عظيمة فقد حصر رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم مهمة بعثته، وغاية دعوته بكلمة عظيمة جامعة (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). وحسبنا في ذلك ثناء ربه عليه في قوله سبحانه: (وإنك لعلي خلق عظيم)، فكما كانت سنته الفعلية نبراساً في الأخلاق، كذلك زخرت سنته القولية بالثناء على مكارم الأخلاق ومكانة أهلها، وعظيم ثوابها). فقد قال فيها صلى الله عليه وسلم: (البر حسن الخلق) (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق)، (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)، (أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)، (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً) (وخالق الناس بخلق حسن). ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، قال: (تقوى الله، وحسن الخلق). وقال الحسن رحمه الله: (حسن الخلق بش الوجه، وبذل الندى، وكف الأذى). وقال عبدالله بن المبارك رحمه الله: (حسن الخلق في ثلاث خصال: اجتناب المحارم، وطلب الحلال، والتوسعة على العيال). علامة الخلق الحسن: ان يكون كثير الحياء قليل الأذى كثير الصلاح، صدوق اللسان، قليل الكلام، كثير العمل، قليل الزلل، قليل الفضول، براً، وصولاً وقوراً، صبوراً، شكوراً، رضياً، حليماً، وفياً، عفيفاً مؤثراً، لا لعاناً، ولا طعاناً، لا مناناً، ولا مغتاباً، لا كذاباً، ولا غاشاً، ولا خائناً، ولا عجولاً، ولا حقوداً، ولا حسوداً، ولا بخيلاً ومتكبراً، هاشاً، باشاً يحب في الله، ويبغض في الله، حكيماً في الأمور، قوياً في الحق. فهي صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين، بها تنال الدرجات، وترفع المقامات. بعد هذا كله، لنتأمل في واقع أخلاقنا، وسلوكنا مع أنفسنا، وأهلينا، واخواننا المسلمين. إن الواقع مرير، فقد زهد الكثير رجالاً ونساء، شباباً وشيباً بأخلاق القرآن في وقت نشط أعداء الإسلام بنشر الغزو الأخلاقي وفق مختلف الوسائل، في مجتمعات المسلمين وأسرهم فهل من عودة يا أمة الأخلاق لأخلاق القرآن والسنة؟ هل من يقظة يا شباب الإسلام! تبعدنا عن رث الأخلاق ومساوئ الأعمال؟ هل من رجعة يا اخوات الإسلام! إلى التزام أخلاق الدين القويم، والمحافظة على الحجاب؟ اللهم أهدنا لأحسن الأعمال والأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلاّ أنت واصرف عنا سيئها، فلا يصرف عنا سيئها إلاّ أنت. اللهم أعذنا من منكرات الأخلاق، والأقوال والأعمال والأهواء، إنك سميع عليم مجيب الدعاء.